محمد النخلي القيرواني، من أعلام جامع الزيتونة في عصره، كان هو والشيخ محمد الطاهر بن عاشور يشار إليهما بالرسوخ في العلم، وسعة الاطّلاع، وجودة البيان مع الميل إلى آراء الشيخ محمد عبده، دخل جامع الزيتونة سنة ١٣٠٤/ ١٨٨٦ فأخذ على جلّة أعلامه كالمشايخ: عمر بن الشيخ، وسالم بو حاجب، ومحمد الطيب النيفر، ومصطفى رضوان، ومحمد النجار، ومحمود بن محمود، وأحمد بن مراد، وصالح الشريف.
وبعد تخرّجه انتصب للتدريس بجامع الزيتونة، وتدرج، واجتاز المناظرات إلى أن وصل مدرّسا من الطبقة الأولى، وتخرّج عليه كثيرون منهم المصلح الجزائري الشيخ عبد الحميد بن باديس، وكان له عليه تأثير. وفي سنوات التدريس ختم الكتب العالية في علوم شتى، فشاع بذلك ذكره، وارتفع قدره، وكانت له شجاعة أدبية في الجهر بآرائه المخالفة للمتعارف في وسطه، ومنها آراء الشيخ عبده في وقت كان فيه الميل إلى مدرسة الشيخ عبده واعتقاد صحة أقوالها عنوان زندقة وانحراف عن الطريق السوي، ومن جملة ما جاهر به إنكاره لمسخ الصور حتى قال فيه الشيخ محمد بوشارب الهلالي (من قصر هلال):
أنكر المسخ وفي خلقته ... شاهد عدل لقوم يعقلون
وكان غير جميل الوجه، وكان حرّ التفكير لا يقدس أقوال القدماء