حمد بيرم الخامس بن مصطفى بن محمد بيرم الثالث، الفقيه الرحالة المؤرخ الصحفي من نبغاء خريجي جامع الزيتونة.
ولد بتونس في محرم /١٢٥٥ مارس ١٨٤٠ وأشرف والده على تربيته وكذلك عمه بيرم الرابع، وهما اللذان وجهاه إلى طلب العلم بجامع الزيتونة وبعد اجتيازه لمرحلة التعليم الابتدائي دخل جامع الزيتونة، وقرأ على أعلامه أمثال المشايخ سالم بو حاجب، والشاذلي بن صالح، وعلي العفيف، ومحمد الطاهر بن عاشور. وفي هذا الطور كان الشيخ محمود قابادو يزور والد المترجم له في بيته لأنه كان صديقا له، كما كان يزور عمه محمد بيرم الرابع في بيته أيضا وكان المترجم له يحضر المجالس التي فيها قابادو بدار أبيه أو دار عمه، ويستمع إلى حديثه فتكون له إعجاب به واحترام له ما زادتهما الأيام إلاّ رسوخا، وكان يستنير بتوجيهاته، وظل على هذه الحال بعد تخرجه من جامع الزيتونة واشتغاله بالتدريس، وقال الأستاذ عمر بن سالم:«وتأثر بأفكار قابادو التقدمية ونظرياته الإصلاحية تأثرا كبيرا، فقد أخذ عنه رأيه في إحياء العلوم الصحيحة والاعتماد عليها لنهضة البلاد».
واستكمل تعلمه بجامع الزيتونة ولم يتجاوز سنه سبعة عشر عاما، وتخرج منه محرزا على شهادة التطويع، ثم اجتاز بنجاح مناظرة التدريس من الطبقة الثانية في سنة ١٢٧٨/ ١٨٦١ وتولى مشيخة المدرسة العنقية في ٦ جمادي الاولى ١٢٧٨/ ١٨٦١ وهذه الخطة كانت وراثية في أسرتهم، ثم اجتاز بنجاح مناظرة التدريس من الطبقة الاولى في ١٥ رجب ١٢٨٤.
وفي مطلع شبابه اشتغل بالمسائل السياسية والاجتماعية لأنّ ميوله سياسية وأدبية ك أكثر منها فقهية وعلمية، وكان همه تتبع ماجريات الأحداث وانتقادها، ولما كان ابن ملاك أراض فقد شاهد الوضعية الاجتماعية للعمال الفلاحيّين والخماسة، ومسك دفترا سجل فيه القرارت والأوامر الترتيبية على عهد محمد بأي لأنه التزم بالدفاع عن هذه الطبقة الريفية.
وبعد ثورة ١٢٨١/ ١٨٦٤ وتعطيل دستور عهد الأمان رحل إلى أوروبا بعلة التداوي وملاقاة أصدقائه المغتربين الجنرال حسين في إيطاليا وخير الدين في فرنسا، ومات والده فورث عنه قسطا هاما من العقارات، وأراد مبارحة تونس نهائيا ولكن الظروف الصعبة القاسية التي تجتازها البلاد منعته من تحقيق رغبته.
ولما عزل مصطفى خزنه دار عن الوزارة الكبرى (رئاسة الحكومة) في سنة ١٢٩١/ ١٨٧٣ وخلفه في المنصب خير الدين جاهر المترجم له بنصرته في آرائه الإصلاحية وصرح بآرائه السياسية على صفحات جريدة «الرائد التونسي» وهو أول من تجاسر على ذلك في تونس.
ولاحظ الأستاذ رشيد الذوادي: «إنه المنشئ الأول لفن النشر الصحفي باختلاف