أغراضه في تونس. فقد تحدى القيود المتبعة في أساليب الكتابة في عصره فأضناه هذا العمل ولم يسلم من العثرات وتستطيع أن تلاحظ هنا جليا في تفكك بعض تراكيبه خاصة في افتتاحياته المنشورة في صحيفة «الإعلام».وقال أيضا: «فكتب في الرائد التونسي (١٢٩٠ هـ ١٨٧٤) مقالات كثيرة أيد فيها عزل مصطفى خزنه دار وآزر الوزير خير الدين باشا صاحب الاتجاه التقدمي في البلاد وتعتبر مقالاته السياسية أول مقالات ظهرت في النثر السياسي في البلاد، ذلك إن الاتجاه السياسي لم تعرفه صحافة تونس قبل هذا التاريخ، إذ معظم ما كان ينشر فيها يتنازل النواحي الأخلاقية والاجتماعية والأدبية».
كما نشر بعض إنتاجه في جريدة «الجوائب» الصادرة في إستانبول لصاحبها أحمد فارس الشدياق، وذلك أيام حرب تركيا مع اليونان.
وأعجب الوزير خير الدين بنشاطه وتعلقه ومؤازرته له في منهجه الإصلاحي فعهد إليه بتنظيم إدارة جمعية الأوقاف التي ابتكرها المصلحون، يعنيه موظف وعدلان يختارهم التجار وأصحاب الأراضي الموقوفة. وفي بضعة أشهر وبعد مجهودات خارقة توصل إلى تنظيم هذه المؤسسة وجعلها قوية، وهذا مما أثر على صحته وأجبره مرضه العصبي على قطع عمله والذهاب إلى باريس لمداواة مرضه، واغتنم هذه الفرصة لتدوين القسم الأول من تأليفه «صفوة الاعتبار».
وكان نحيف البنية مصابا بمرض في الأعصاب الموصلة بين المعدة والقلب مع فقر في الدم يستعمل المورفين لتسكين آلامه فأثر ذلك في صحته مع ما يقوم به من أعمال مرهقة.
وفي مدة رئاسته لجمعية الأوقاف وقع نزاع بين الكونت دوسانسي المغامر الفرنسي الذي له علاقات قرابة مع كثير من وزراء فرنسا وقع نزاع بينه وبين الحكومة التونسية على قطعة أرض بسيدي ثابت منحها له الوزير خير الدين لتربية الخيل على شروط أخل بها، فأرادت الحكومة التونسية استرجاعها منه فأبى وأنقلب خصما لخير الدين.
ومن الملاحظ أن خير الدين كان يجامل الفرنسيين. وكان قسم من الصحافة الفرنسية يشن الحملات ضده بتأثير من عملاء خزنه دار الموجودين في باريس وقد عين صاحب الترجمة عضوا في لجنة التحكيم التي شكلتها الحكومة التونسية للنظر في هذه القضية واستمر النزاع بين الطرفين إلى عهد الوزير مصطفى بن إسماعيل.
كما عينه الوزير خير الدين سنة ١٢٩٢/ ١٨٧٤ ناظرا على المطبعة الرسمية ومشرفا على تحرير جريدة «الرائد».وهذا النشاط أثر على صحته التي تدهورت فسافر إلى باريس للمعالجة.
وفي سنة ١٢٩٢/ ١٨٧٥ سمي عضوا في لجنة برنامج التعليم للمدرسة الصادقية ولترغيب الأسر التونسية لإرسال أبنائهم إلى هذه المدرسة سجل فيها ابنه الأكبر مصطفى الذي أصبح فيما بعد رئيسا لمجلس الاستئناف بالقاهرة.