محمد الفائز القيرواني، من سلالة الشيخ الصالح عبيد الغرياني دفين القيروان، ولد بها، وتعلّم في الكتاب فاستظهر القرآن الكريم، ثم التحق بجامعها الكبير جامع عقبة بن نافع ثم بجامع الزيتونة حوالي سنة ١٩٢١، ولم يستوف أمد التعليم به بحيث لم يحرز على شهادة التطويع لموت والده الذي اضطره للرجوع إلى مسقط رأسه، وكان والده يحب التعرف على أخبار العالم فاقتدى به في مطالعة الصحف على صغر سنه، ونما فيه شغف وهيام بالمطالعة، فطالع ما ظفرت به يده من كتب غير ذات قيمة كرأس الغول، وخريدة العجائب لابن الوردي، والعرائس في قصص الأنبياء للثعلبي المفسر، وغيرها من المطبوعات الرخيصة المتداولة.
نظم الشعر وسنه لم يتجاوز الخامسة عشرة، وكان للوسط الأدبي الذي نشأ فيه أول الأمر بالقيروان ثم اندماجه في الأوساط الأدبية بالحاضرة أكبر أثر في توجيه ذهنه إلى الأدب وصقل ذهنه المرهف وعاطفته الرقيقة.
وكان شبان القيروان في ذلك العصر لهم ولوع بإصدار صحف يكتبونها بأيديهم ويوزعونها فيما بينهم، وكانت هذه الصحف اليدوية تتناول مشاكل التعليم والتمثيل وتتحدث عن أخبار الأندية والجمعيات، وكان للشاب محمد الفائز جريدته «الشمعة» يتبادلها مع جرائد أترابه الذين كان منهم محمد بو شربية ومحمود الباجي، ومحمود عبد الله، ومحمد الحليوي، والمختار الخضراوي.