أدباء الجريد ومن بينهم أبو القاسم الشابي، ومصطفى خريف، والمؤرخان إبراهيم بورقعة، ومحمد الصالح المهيدي، وهؤلاء كانوا وسيلة إلى المجلات والصحف الأدبية، فكان التقاؤه بهم للإخصاب في فترة إنتاجه الثري من القصة والنقد والشعر والخصومات الأدبية التي أثارها الأدب التونسي المعاصر.
وبعد مباشرته لمهنة التعليم بنفطة نقل إلى قرية الكريب حيث كلف بإدارة المدرسة هناك ومكث ثلاث سنوات طلب في آخرها الاقتراب من مسقط رأسه فعيّن معلما للغتين العربية والفرنسية بمدرسة الحمامات ثم نقل من هناك إلى بلدة حمام الأنف لتعليم اللغتين إلى ما قبل وفاته بأسبوع.
هذه هي حياته في مهنة التعليم باختصار، أما حياته الأدبية فهي ذات نشاط واسع مكثف مع العلم أن مهنة التعليم شاقة تستنفد الوقت والجهد ولا تترك للإنتاج الأدبي مكانا.
وعلى كل فقد نشر فصولا نقدية في جريدة «الزمان» بعنوان «تحطيم الأصنام الثلاثة» وفصولا أخرى كان يمضي بعضها بإمضاء محمد عبد الخالق ونشر بعض الأقاصيص في مجلة «العالم الأدبي» وفي مجلة «المباحث» ونشر شعرا منثورا بعنوان «خواطر مجنحة» وترجم بعض المقطوعات الشعرية عن الفرنسية لبول فارلان وغيره.
ونشر فصولا بالفرنسية في مجلة «إفريقيا الأدبية» التي كان يصدرها بتونس صديقه م.
أستير (Astre)، منها فصول في التعريف بالأدب والأدباء التونسيين.
وأذاعت له محطة الإذاعة التونسية دراسات عن الأدب التونسي في العصور القديمة قبل الإسلام وشارك في حصة «آخر ما كتبت».وأصدر مجلة «المباحث» واعتبرت من أرقى المجلات بتونس لدسامة محتواها. وصدر العدد الأول منها في شهر ذي الحجة ١٣٥٦/ ١٩٣٧ وهو إذ ذاك بالحمامات لكنها تعطلت لبعدها عن العاصمة وما يحتاجه الطبع من مال لا يتوفر عند أمثاله من ذوي الدخل المحدود، ثم استأنف صدورها في ١٠ أفريل سنة ١٩٤٤.
توفي في ١٥ ذي الحجة /١٣٦٣ ديسمبر ١٩٤٤ بمرض لم يمهله إلا أسبوعا واحدا وهكذا انطفأت جذوة من النشاط الأدبي الخارق وخمدت أنفاس عبقرية حركت أوصال الأدب وأمدّته بنجيع الحياة فترة من الزمن على قصر عمره ومشقة مهنته فليعتبر بذلك الذين يتهربون من الإنتاج بدعوى ضيق الوقت وكثرة الشواغل وليعلموا أن العزائم الصادقة لا يثنيها عن بلوغ هدفها أيّ عائق.
[مؤلفاته]
١ - الحياة الفكرية المغربية من أقدم العصور إلى الآن، أتم بصورة نهائية عصر ما قبل الإسلام