للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقلت له: نصرك الله هذا كتاب مبعوث إليّ من قسيس كان من أصدقائي في الأول، وأنا أترجمه لكم الآن إن شاء الله تعالى فجلست في ناحية فترجمته بالعربية، ثم ناولته الترجمة فقرأها، ثم قال لأخيه المولى إسماعيل: والله العظيم ما ترك شيئا.

فقلت له: يا مولاي وبأي شيء عرفت ذلك؟

قال: نسخة أخرى ترجمها الجنوينيّون. ثم قال: يا عبد الله وماذا عندك أنت في جواب هذا القسيس؟ فقلت له: يا مولاي الذي عندي ما علمت مني من كوني أسلمت باختياري رغبة في دين الحق ولست أجيب إلى شيء مما أشار إليّ قطعا.

فقال لي: قد علمنا صحة إسلامك ولا عندنا فيك شك أصلا، ولكن الحرب خدعة، فاكتب إليه في جوابك أن يأمر صاحب المركب أن يفادي سلع المسلمين ويرخص عليهم، فقل له: إن اتفقتم مع تجار المسلمين على سعر معلوم فإني أخرج مع الوزان بقصد وزن السلع ثم أهرب إليكم بالليل. ففعلت ما أمرني به وأجبت القسيس بهذا، ففرح وأرخص على المسلمين في فداء متاجرهم وخرج الوزان مغارا ولم أخرج معه فبئس مني ذلك القسيس، فأقلع مركبه وأنصرف إلى خذلان الله.

وكان نص كتابه «أما بعد السلام من أخيك فرنسيس القسيس أعرفك أني وصلت هذا البلد برسمك لأحملك معي، وأنا اليوم عند صاحب صقلية بمنزلة أن أعزل وأولي، وأعطي وأمنع، وأمر جميع مملكته بيدي، فاسمع مني وأقبل إليّ على بركة الله تعالى، ولا تخف ضياع مال ولا جاه وغير ذلك فإن عندي من المال والجاه ما يغمر الجميع وأعمل لك كل ما تريد».

انتهى.

هذه ترجمة مراحل حياته بإسبانيا وإسلامه بتونس ووظائفه بها وماجريات أحواله بها، اثرنا نقلها تمامة وفيها عبرة وذكرى.

مات بتونس وقبره معروف بسوق السراجين بتونس، وتسمية الجماهير سيدي تحفة. له تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب، فرغ منه سنة ٨٢٣/ ١٤٢٠، ط. بتونس سنة ١٢٩٠/ ١٨٧٢ هـ‍ وبمصر سنة ١٨٩٥ في ٦٨ ص. وأثنى في هذا الكتاب على السلطان أبي العباس وابنه أبي فارس عبد العزيز وذكر ما أبطله من المكوس بأسواق تونس ونقل ذلك عنه المؤرخون كالزركشي وابن أبي دينار في «المؤنس» وبهذا يكون مصدرا ثانويا للعصر الحفصي في هذه الفترة.

[المصادر والمراجع]

- إتحاف أهل الزمان لابن أبي الضياف ١/ ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>