أصبحت تونس من مراكز اشعاع الثقافة الإسلامية في العصر الحفصي فحفلت بالاعلام، وزخرت بالأدباء من ابنائها ومن الوافدين عليها من الأندلسيين، وغيرهم، ونشطت فيها حركة التأليف في الفقه والأصول، والنحو، والأدب، والتاريخ، والطب، والعلوم الرياضية، وقد تساندت عدة عوامل على نمو هذه الحركة العلمية وانتشارها منها استقرار الأمن والنظام، والقضاء على الفتن والاضطرابات وتأسيس المدارس، واستقرار جالية من علماء الأندلس وأدبائها اشتهروا بمواهبهم الخصبة ونشاطهم العظيم في التدريس والتأليف، وإحياء الدراسات النحوية والأدبية والتاريخية، كابن الابار، وحازم القرطاجني وابن الغماز، واللبلي، وابن عصفور وغيرهم من يطول تعداده.
وتجددت الرحلة إلى المشرق العربي، وبالخصوص إلى مصر التي أصبحت زعيمة العالم الإسلامي في النهضة العلمية بعد سقوط الخلافة العباسية ببغداد، واستبحر فيها العمران واكتظت باعلام ذوي شهرة ومكانة في كل المعارف المتداولة في ذلك العصر.
وقد أشار إلى ذلك ابن خلدون في «المقدمة» إذ قال: «ولا أوفر اليوم في الحضارة من مصر، فهي أم العالم، وايوان الإسلام، وينبوع العلم والصنائع».
ومنذ نشوء الحركة العلمية في أقطار المغرب لم تنقطع رحلة علمائه