أحمد المعروف بحميدة ابن الشيخ محمد بن أحمد بن الخوجة، الفقيه، الحنفي، المفكر، الأديب، الشاعر القادري الطريقة، ينحدر من سلالة تركية، وأسرته اشتهرت بالعلم في العصر الحسيني.
ولد بتونس في شعبان ١٢٤٥/ ١٨٣٠، واعتنى والده بتربيته وتوجيهه، وأقبل بجد واجتهاد على التعلم بجامع الزيتونة، وكان أكثر أخذه ومعظم استفادته من دروس والده شيخ الإسلام من أجلة علماء عصره بجامع يوسف صاحب الطابع كما أخذ عن العلامة الأديب محمد بيرم الرابع بالمدرسة العنقية، وعن محمد بن عاشور بزاوية جده خارج باب المنارة، وأخذ بجامع الزيتونة عن القاضي الأديب محمد بن سلامة ومحمد بن حمدة الشاهد، والقاضي محمد الطاهر بن عاشور، والقاضي محمد النيفر وظهر نبوغه وتفوقه سريعا، وباشر التدريس بجامع الزيتونة تطوعا، وهو دون العشرين من عمره باشارة من شيوخه، ثم سمي مدرسا رسميا في ذي القعدة سنة ١٢٦٦/ ١٨٥١ وكان في دروسه فصيحا مفهوما مع براعة في إيصال المعلومات إلى المستمعين، ويضيف إلى ذلك حسن التقرير، ودقة التحقيق مما يبهر الألباب بالسحر الحلال، ودرّس أهم الكتب المتداولة التدريس بالجامع، ولبث خمسة وأربعين عاما منبع افادة، ومنهل إجادة، وآخر دروسه وأشهرها درسه لتفسير القاضي البيضاوي.
تولى القضاء في ربيع الأول سنة ١٢٧٧/ ١٨٦١ وعمره لا يتجاوز اثنتين وثلاثين سنة عوضا عن الشيخ مصطفى بيرم، فأظهر كفاءة في الاجراءات وتطبيق النصوص، ثم نقل إلى خطة الافتاء سنة ١٢٧٩/ ١٨٦٣ بعد وفاة والده في محرم ١٢٧٩ وتولى مشيخة الإسلام في ٢٧ صفر ١٢٩٤/ ١٨٧٨ بعد