محمد بن علي بن عمر التميمي المازري أبو عبد الله، الإمام الفقيه ويفهم من كلام القاضي عياض أنه ليس من أهل المهدية أصالة إذ قال المستوطن بالمهدية، وقد وصفه في كتابه «الغنية» بقوله: «إمام بلاد إفريقية وما وراءها من المغرب، وآخر المشتغلين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه ورتبة الاجتهاد ودقة النظر».ويبدو أنه استوطن المهدية صغيرا في سن المراهقة، إذ لا يعرف له شيوخ إلاّ فيها أو اللخمي في صفاقس، أخذ عن أبي محمد عبد الحميد بن الصائغ دفين سوسة، وعن غيره من شيوخ إفريقية، ودرس أصول الفقه والدين، وتقدم في ذلك كله فجاء سابقا لم يكن في عصره للمالكية في أقطار الأرض وفي وقته أفقه منه ولا أقوى لمذهبهم، وسمع الحديث وطالع معانيه واطّلع على علوم كثيرة من الطب والحساب والآداب وغير ذلك فكان من رجال الكمال في العلم في وقته وإليه كان يفزع في الفتوى في الطب كما يفزع إليه في الفتوى في الفقه، يحكى أن سبب قراءته الطب ونظره فيه أنه مرض فكان يطبه يهودي فقال له يوما: يا سيدي مثلي يطب مثلكم! وأي قربة أجدها أتقرب بها في ديني مثل أن أفقدكم المسلمين، فمن حينئذ نظر في الطب.
وكان حسن الخلق مليح المجلس أنيسه كثير الحكاية وإنشاد قطع الشعر، وكان قلمه في العلم أبلغ من لسانه وفي أزهار الرياض (٣/ ٢٩) وكان كثير الحكايات في المجلس، ويقول: هي جند من جنود الله حتى كان لا يخلي مجلسه منها.