محمد بن محمد ماضور من أسرة أندلسية الأصل، وكان سلفه من حماة الثغور بالأندلس ينتسبون إلى أبي القاسم أحمد بن يحيى بن محمد بن عيسى بن منظور القيسي عالم إشبيلية وقاضيها المتوفى سنة ٥٢٠/ ١١٢٧، وبعد جلائهم نزلوا بقرية «الجديدة» وهي خربة الآن تقع على بضعة أميال من «قرنبالية» تبعد عن مدينة تونس بنحو خمسين ميلا.
ولد صاحب الترجمة ببلدة سليمان التي هاجر إليها قومه بعد خلاء قريتهم فاستوطنوها وجددها المهاجرون الأندلسيون وكانت تسمى إذ ذاك بنت تونس. وهي بلدة أنيسة جميلة الموقع حسنة المناخ تبعد عن مدينة تونس بنحو ٣٠ كلم. وكانت ولادته أيام ولاية والده قضاء تلك البلدة وما يليها من شبه جزيرة شريك.
كان عالما فقيها أديبا شاعرا. كان على طول باعه في علوم اللغة والشريعة يتعاطى ما بلغه العلم إذ ذاك من المعارف الطبية وخواص المفردات الطبيعية، وله إلمام بأحكام النجوم ويستعمل لذلك الأسطرلاب والأرباع التي اخترعها العرب. وله يد في الحساب والهندسة، أما أدبه فله شعر سهل المآخذ رقيق المعاني ينم عن شاعرية مطبوعة وذوق لطيف.
تتلمذ في بلدة سليمان على أجلّة العلماء منهم والده الذي قرأ عليه تفسير الخازن ومدحه بقصيدة طويلة عند الختم طالعها:
تفسير أشواقي لديك تحرر ... فعساك تختم بالوصال وتجبر
يا أيها البلد الذي به أحدقت ... أحداقنا فرأت كمالا يبصر