أبو الفضل وأبو القاسم بن إبراهيم البرادي (بالباء الموحدة المسفولة والراء المشددة) الدمري (بفتح الدال المهملة والميم المشددة) العالم الإباضي.
ولد بدمّر من الجنوب التونسي المعروف اليوم بجبل الحواية، وهناك نشأ وتلقّى على مشايخ بلده مبادئ العلوم، ثم انتقل إلى جزيرة جربة ولازم علاّمة زمانه الشيخ أبا البقاء يعيش بن موسى الزواغي الجربي مدة، ثم ارتحل إلى يفرن بجبل نفوسة وتتلمذ على الإمام الكبير أبي ساكن عامر بن علي الشماخي (ت سنة ٧٩٢/ ١٣٩٠) وواصل هناك دراسته حتى أصبح علما من الأعلام وإماما من الأيمة ثم رجع إلى جبل دمّر، ولم يستقر به طويلا وانتقل إلى جربة وفيها تصدى للتدريس والتأليف والفتوى والفصل في مشاكل الناس، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطاب له المقام بجربة وتزوج هناك، وأنجب أولادا عاش بعضهم بجربة، وانتقل آخرون إلى جبل نفوسة، وأشهر أولاده هو أبو محمد عبد الله الذي اشتهر بجربة واشتهر بالخصوص في علم الأصول على قول الشماخي، ويظهر أن المترجم له كان شديد التعلق بشيخه يعيش الزواغي الجربي فلم يطق الابتعاد عنه فانتصب للتدريس قريبا منه لذلك نلاحظ أن الجامع الذي يحمل اسمه الموجود بحومة (حارة) جعبيرة قرب وادي الزبيب لا تفصل بينه وبين جامع الشيخ يعيش مسافة كبيرة بل هما في حومة (حارة) واحدة.
تخرّج عليه جماعة منهم أبو زكريا يحيى بن أفلح الجربي، وأبناؤه منهم أبو محمد عبد الله الذي أصبح من أعلام عصره. قال الشماخي في «السير»: «حدثني بعض طلبته قال كنت بتونس أقرأ بحضرة مجلس الحسين فوقعت مسألة فتكلمت فيها بما حضرني وكان الشيخ يتوقف فيها فقال: من أين أخذتها؟
فقلت: من الشيخ أبي محمد البرادي.
فقال لأهل المجلس: ما رأيت أعلم من البرادي.
وكان المترجم له يشارك في حل المشاكل الاجتماعية لأنه كان يحضر الاجتماعات يشرف عليها أسن الجماعة وهو الشيخ علي بن يامون فيكون المترجم - حينئذ - عضوا من أعضاء مجلس العزابة.
وأدى فريضة الحج في سنة ٧٧٥/ ١٣٧٣ ولقي إباضية عمان بمكة المكرمة وطلب منهم أن يرسلوا له كتاب «كشف الغمة» في التاريخ، كما ذكر ذلك في المقدمة التي وضعها لهذا الكتاب إذ جاء فيها «ثم إن هذا الكتاب الذي هو كشف الغمة من تأليف المتأخرين من أصحابنا من أهل عمان، بعثنا فيه إليهم من مكة - شرّفها الله تعالى - سنة ٧٧٥ وقد تعلقت به قلوبنا».