الحشائشي لم يكن ثريا ولأنه بعد مقتل المركيز في الأراضي الليبية، نشبت نزاعات مالية مع أسرة دي موراس المذكور، وكيفية تعرف المترجم على هذه الشخصية هو أنه تأثر سابقا ببيان نشره القس لوزون Loyson عن تقارب المسيحية والاسلام، وقدر رأيه، وكان صديقا للمترجم الطاهر اللجمي الذي كان تعرف من قبل على المركيز إذ قدمه له دليله في الجنوب الجزائري صالح بالضياف الذي أتى إلى تونس للالتحاق بمخدومه من ٢٨ مارس إلى ٨ افريل ١٨٩٦، وطلب الطاهر اللجمي من المترجم له أن يحرر لفائدة دي موراس رسالة وقصيدة يقدمان إلى المهدي السنوسي، ولاعجاب الحشائشي بشخصية المركيز وبعواطفه الإسلامية عقد له صلة مع التاجر الحاج علي بلقاسم التنبي الغدامسي الذي جعله المركيز يأمل في إنشاء ولاية بالجنوب التونسي يكون حاكمها قريبا له، وفي نهاية افريل اقترح موراس على الحشائشي أن يلتقي به في غات مرورا ببنغازي والكفرة، وحمل الحشائشي معه بضائع لدراسة الأسواق، وطلب منه أن يهيئ له مقابلة مع المهدي السنوسي لبعث أمله لانشاء زاوية في الجنوب التونسي تستخدم محطة للتجارة عبر الصحراء، وركب الحشائشي البحر متوجها إلى ليبيا بعد أربعة أيام من رحيل موراس اليها.
ولا بد أن نتعرض بإيجاز إلى مشاريع موراس وغرضه من الرحلة إلى ليبيا، وتكليفه للحشائشي للقيام بهذه الرحلة ومقابلته للمهدي السنوسي، ولموراس غايتان تحويل التجارة عبر الصحراء إلى المغرب الخاضع لفرنسا، وسبق الانكليز الدخول إلى التشاد والنيل الأعلى، وإلا طردهم منها، ويرى أن برنامجه يمكن تحقيقه في فترتين متواليتين، وتحمس بالخصوص للوضعية السياسية.
وهو يعتقد في حسن نية الطوارق والسنوسية، ما دامت ضرورة التحالف الفرنسي الإسلامي تبدو له بديهية، ولذا فكر في إقناع شيخ الكفرة بصدق النوايا الفرنسية والمبادرة مع مهدي السودان بالتحالف ضد البريطانيين، ولم ييأس من دعم هذا التحالف بواسطة قوات رباح.