ولأنها في غنية عن الشرح غالبا، فتكميل الفائدة بشرح المقدمة كان أولى».
ومقدمة صحيح مسلم من أقدم ما كتب في علم مصطلح الحديث، وللأبّي عناية بالفقه والعقائد في شرحه مع إهمال الكلام غالبا عن رجال الإسناد، على ما في هذا الأمر من جليل النفع في الصناعة الحديثية، قال العلاّمة المرحوم محمد زاهد الكوثري:«ولهذا لم يكن شرحه وافيا بالمرام ولا مطفئا من غلة الباحثين الأوام، إلى أن قام أحمد شبير العثماني الهندي بشرحه في كتاب سماه «فتح الملهم في شرح صحيح مسلم» صدر منه ثلاثة أجزاء من خمسة، وحالت منيته دون إتمام طبعه وهو أحسن شرح لصحيح مسلم».
والأبّي يتعرض - عند ما تعن له المناسبة - إلى أحوال طائفة من العلماء التونسيين، ويجلب أحيانا آراءهم وفتاواهم في بعض المسائل، وما يروى عنهم من حكايات ونكت، كما يتعرض أحيانا لتواريخ بعض النظم كالقضاء والسكة ولذا لا يستغني عنه الدارس للتاريخ التونسي وبالخصوص العصر الحفصي. وقد كنت تتبعت مجلداته السبعة وأخذت منها ما له صلة بالتاريخ، وفي أثناء مذاكرة مع صديق ألّف كتابا في تاريخ تونس العام تحدثنا عن شرح الأبّي على مسلم، وبينت له فائدته للمعتني بالتاريخ وما جردته منه، فاشتاقت نفسه للاطلاع عليه فأعرته إياه، وقد أعاد كتابة العصر الحفصي على ضوء ما أمددته به وبغيره من الوثائق، وحلى هوامش كتابه بالنقل عن الأبّي، ولم يشر أدنى إشارة إلى صاحب الفضل، ولما صدر كتابه لم يتكرم بإهداء نسخة، فعجبت من لؤم الرجل وقلة أمانته ونكرانه للجميل فقطعت كل صلة به قبل وفاته بنحو ثلاث سنوات.
طبع الكتاب في ٧ م بمطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٢٧ وعلى نفقة السلطان عبد الحفيظ.
٢ - تفسير القرآن العظيم، دوّن فيه ما سمعه من دروس شيخه ابن عرفة الذي اعتمد على ابن عطية والزمخشري وبقية المفسرين، واعتمد على علماء اللغة والأصول والمنطق مع إبداء رأيه.
منه نسخ عديدة بالمكتبة الوطنية بتونس:
١) نسخة رقم ١٠١١٠ أصلها من المكتبة الأحمدية الزيتونية. وهي نسخة تامة على غاية من الجمال والاتقان والضبط. وهي وإن لم تكن مؤرخة جديرة بكل ثقة، نسخها فيما يبدو الشيخ القاضي المفتي محمد بن سلامة (ت ١٨٥٠) للوزير حسين خوجة (ت ١٢٧٤/ ١٨٥٧). وهي نسخة كاملة في ٢٣٩ ورقة
٢) نسخة برقم ١٠٧٧١ أصلها من المكتبة الاحمدية نهايتها:«تم الجزء الأول من تفسير الإمام أبي عبد الله محمد الأبّي».وهي مؤرخة بآخر شوال /١١٢٨ سبتمبر - أكتوبر ١٧١٦ في ٢٣٦ ورقة.