ونظرا لاختلاف وجهة النظر السياسية بين الحزب الدستوري القديم والحزب الإصلاحي فقد وقع الادعاء على الحزب الأخير بأنه يسعى لمناهضة اللغة العربية من خلال المسرحيات التي تقدمها جمعية «الآداب التمثيلية» المنتمية إليه، فأسس الحزب القديم لمناهضته جمعية «الشهامة» التي تولّى رئاستها الشيخ عبد العزيز الثعالبي. وكان لهذا التنافس أثره في الحركة المسرحية فشاهدت الجماهير مسرحيات قدمتها فرقتا الحزبين.
وكان المترجم له منتميا للحزب الإصلاحي متحمسا لمبادئه متحملا لكل مكروه في سبيلها نوّهت جريدتا هذا الحزب «البرهان» و «النهضة» بالمترجم له ونشرتا له مقالاته وأشعاره.
وذكر الشيخ الأستاذ محمد الفاضل بن عاشور في كتابه «الحركة الأدبية والفكرية في تونس» عمل المترجم له في الحزب الإصلاحي الذي تمسك بإصلاحات عام ١٩٢٢ على عهد المقيم العام لوسيان سان، وكان يرى أنها خير من لا شيء فيقول عنه وعن المعركة الحزبية والسياسية التي أرادها الاستعمار لتفريق الصفوف وإضعاف المقاومة والقضاء عليها « ... واحتضن مصطفى آغة نادي الحزب ونوّهت به جريدتهم. وكان من شغوفه الذاتي وتساميه الفلسفي واعتداده بحكم العقل والمنطق في كل شيء ما أبعد الشقة بينه وبين الحركة الشعبية، وعملت جريدة الحزب الإصلاحي على إغاظة الشاذلي خزنة دار في مناصرة مصطفى آغة وتقديمه فكان للمعركة الحزبية السياسية دخل كبير في الميدان الأدبي بالمفاضلة بين الشاعرين، كما كان بين الوطنيين والإصلاحيين بمصر بين حافظ وشوقي.
واصطبغت قصائد كل من الشاعرين بصبغة المسلك الذي ارتضاه لنفسه فجاءت قصائد خزنة دار حماسية تفخر بالانتصارات وتثور في وجه الاعتداءات تصدر بمناسبة المواقع الكمالية وحفلات الهلال الأحمر وحوادث التنكر للوطنيين والابتهاج برجوع المبعدين وخروج المساجين ووصف المظاهرات وتشييع الوفود وانعقاد المجامع السياسية وتفيض كلها حماسا ووثوقا بانتصار الحق وحسن عاقبة الصدق ويقوم فنها الشعري على وحدة الغرض وتسلسل عناصره وطول النفس وتلافي القصر على طريق الأطناب فكانت قصائده كالخطب لها من الأثر في السامع وقت إنشادها ما لا يستطيع الناقد أن يكشف عنه ما لم يحدد الظروف التي مكنت لها من القبول، على أن النقد المنصرف للفن الصرف لا يستطيع أن يغطي على أسقام في التركيب، وزحافات في الأوزان، وابتذال في المعاني وحشو في الألفاظ، كانت الحرارة الفائضة من تلك القصائد تذيبها فلا يحسها السامعون.
أما قصائد مصطفى آغة فقد كانت بمعزل عن هذه المؤثرات لم تشر إلى الحركة الوطنية بكلمة ولا جرى فيها ذكر زعيم ولا لفتة إلى السياسة بل تمحضت إلى النظر الفلسفي والوصف الاجتماعي، وأقيم هيكلها على تصوير المقامات وتخييل المحاورات بروح فلسفية ساخرة قانطة تنظر إلى البؤس المادي والشقاء العقلي اللذين حفا بحياة الناس كما ينظر المعري في «اللزوميات».وصوغها واضح جزل التركيب مستكثر من البديع، مطرد في الوصف