الشاذلي خزنه دار؟ وهل يحجر عليه دراسة أدب خزنه دار لأنه اجنبي عنا؟ إن تراث خزنه دار يحق لكل عالم بالعربية وآدابها دراسته سواء كان مشرقيا أو مغربيا، والعلم والأدب يتعاليان عن قيود السياسة في تحديد الاقطار لانهما لا وطن لهما، وحسب منطق هؤلاء هل يحجر على التونسي أو غيره من ابناء العربية دراسة شعر الرصافي أو الزهاوي العراقيين؟ بحجة أنهما اجنبيان، سبحان الله، إن الانسان في فورة الاندفاع والحماس يكتب أحيانا ما لا يقبل، وأتذكر أني زرته في منزله أثناء هذه المعركة، وسألني هل أنا متتبع لها؟ فأجبته بالايجاب، ودار نقاش بيننا حول شاعرية خزنه دار، وقلت له بأن شعر خزنه دار كسيح لا يحلق وقريب الغور، ولولا ما فيه من حسن سبك وموسيقى وخدمة للأغراض الوطنية لعد نظما مبتذلا، وأنت تدافع بحماس عن قضية غير مضمونة النجاح، فلم يهضم هذا الكلام، وأطلعني على أبيات لخزنه دار في تهنئته بميلاد ابنه عياض بعد تفتيش في مخبئاته، وقرأت الأبيات: هذا مما يؤكد عندي ضعف شعر خزنه دار، وكأنه يريد أن يدلل على أنه شخصية مرموقة بهذه التهنئة الصادرة من أمير الشعراء بتونس، وقد نشر هذه التهنئة بمجلة الفكر اثناء دفاعه عن خزنه دار، وكانت محل تفكه وتندر لدى كثير ممن سمعت.
وسمعت منه في مجالسه أنه كان على صلة بالشيخ محمود موسى مفتي المنستير وشاعرها يجلس معه في المقهى بعد الفراغ من العمل، ويسهر أحيانا في داره إلى أن تشيب ذوائب الليل، وحكى لي كثيرا من نوادره وطرائفه ووصفه بسلاطة اللسان والمجابهة بالمكروه وحكى لي أحداثا تثبت ذلك، وأثنى على علمه وأدبه واطلاعه، وكانت له صلة بالشيخ أحمد أديب المكي (من مكة المكرمة) نزيل سوسة الكاتب بإدارة عملها، وذكر لي طرفا من نوادره وطرائفه، وإنه كان سليط اللسان، محدثا فقيها راوية للأدب العربي لغويا شاعرا وإن الشيخ محمد موسى نعته بأن الشعر أقل خلاله. وهكذا كانت مجالسنا لا تخلو من أمثال هذه الاحاديث، ومن الخوض في السياسة والادب والتاريخ واللغة والتفسير والحديث، وكان جيد المشاركة في هذه