للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«وكان - رحمه الله - فصيح اللسان، بليغ البيان في أسرار القرآن، صاحب ذوق في مقام العرفان، متواضعا على رفعة هذا الشان، يرشح وعاؤه بالرحمة والرأفة والحنان، يحب الخير لكل إنسان، داعيا لعبادة الله بالهداية والايمان والاحسان، ما شئت من محاضرات أبرار، ومطالع أسرار وأنوار، وزهد أخيار».

وكان للطرق الصوفية ورجالها مكانة لدى سائر الطبقات، وقد مر أن صاحب الترجمة حاز مكانة في القصر ولدى بعض العلماء الطرقيين، لذا استغله ثعلب الحكومة التونسية إذ ذاك الوزير الأكبر مصطفى خزنة دار لبذل الوعود والتطمينات للقائمين بثورة علي بن غذاهم تمهيدا للانتقام الشرس الوحشي من الأشخاص والقبائل وسكان البلدان الذين تعاطفوا مع هذه الثورة وأيدوها. وقام صاحب الترجمة بجولة في مناطق القبائل وفي البلدان، ونجح في مهمته نجاحا مؤزرا. وغاية ما يعذر به أنه كان على حسن نية غير عالم بما يبيته محمد الصادق باي ووزيره مصطفى خزنة دار من غدر ونكث للعهد ويبدو أن صلات ابن غذاهم المريبة مع القنصلية الفرنسية وعطفها عليه هي التي أوحت إلى خزنة دار استخدام نفوذ المترجم ومكانته لدى القبائل وعداوته لفرنسا للقيام بدور التهدئة بالرغم من أن محمد الصادق باي تيجاني الطريقة، ومثله علي بن غذاهم، من أتباع زاوية تماسين بالجنوب الجزائري، وشيخها من أخلص الصنائع لفرنسا.

وقد سبق ان ذكرنا أن مما امتازت به الطريقة العزوزية هو التخفيف من قيود الخلوتية وشكلياتها في تسليك التابع الجديد، ونضيف إلى ذلك ان اتباع الطريقة العزوزية يميزون أنفسهم بسبحة بيضاء في أعناقهم وبتسليمهم على بعض بتشابك أيديهم مرتين بكيفية مختلفة، وكانت هذه الطريقة واسعة الانتشار بالجنوب التونسي والجزائري.

توفي في آخر ذي الحجة سنة ١٢٨٢/ ١٤ ماي ١٨٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>