للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تونس؛ ثم سافر إلى الأندلس، وقصد لورقة وعاد إلى غرب الأندلس ثم عبر إلى مدينة سلا بالمغرب الأقصى، وأقام بها يسيرا، ثم عاد إلى تونس باستدعاء من محمد المستنصر بعد توليه الملك واستقر بها إلى أن توفي، وتخرج به جماعة منهم أبو حيان الأندلسي.

نقل عن الشيخ تقي الدين بن تيمية ان ابن عصفور لم يزل يرجم بالنارنج في مجلس الشراب إلى أن مات ولم يوضح الناقلون لهذه الحكاية الغريبة مستندها ولعلها تلفيق من بعض الخصوم الذين لا يتورعون عن الكذب والاختلاق، مع ان المترجمين لابن عصفور من الأندلسيين والمغاربة لم يشيروا إلى هذه الحكاية ادنى اشارة، ولا غمزوا سيرته الشخصية بأدنى مغمز، وذكر المؤرخون التونسيون سببا آخر لموته وهم أعرف بهذا من غيرهم لوفاته في بلدهم. وكان سبب موته فيما نقل الشيخ القلشاني وغيره أنه دخل على السلطان محمد المستنصر الحفصي يوما وهو جالس برياض أبي فهر في اريانة في القبة التي على الجابية الكبيرة، فقال السلطان على جهة الفخر مصراع بيت كأنه يريد إجازته: «قد أصبح ملكنا الغداة عظيما» فقال ابن عصفور: «بنا وبأمثالنا».

فوجد منها السلطان وأسرها، ولما قام ابن عصفور ليخرج أوعز إلى بعض خواصه أن يقذفه بثيابه في الجابية، وتثاقل الحاضرون على إخراجه من الجابية المذكورة، وأوصاهم بأن لا يتركوه يصعد مظهرين اللعب معه فكلما أراد الصعود ردوه، وكان اليوم شديد البرد، وبعد صعوده أصابه برد وحمى، وبقي ثلاثة أيام ومات في ليلة الأحد ٢٥ ذي القعدة /٦٦٩ أوت ١٢٧١، ودفن بمقبرة ابن مهنا قرب جبانة ابن نفيس شرقي باب ينتجمي أحد أبواب القصبة، وسبب دخول ابن عصفور على السلطان المستنصر انه رتب أعلاما لمجالسته منهم ابن عصفور، وابن الابار، وأبو المطرّف بن عميرة، وأبو بكر بن سيد الناس وغيرهم. إن ابن عصفور كان شيخ المستنصر ثم جليسه ومع ذلك لم يستنكف عن تعريضه للموت غيلة وغدرا لأن الأرواح البشرية لا تساوي شيئا عند الطغاة الحريصين على الأبهة

<<  <  ج: ص:  >  >>