الغرياني، وغيرهم، وبعد استكمال تحصيله رجع إلى بلده ثم انتقل إلى تونس، واستقر بها حوالى سنة ١١٥٦/ ١٧٣٣ في عصر علي باشا الأول الذي جعله من خواص ندمائه، ولما قتل علي باشا تقرب إلى علي بن حسين بن علي باي بالمدائح فعفا عنه وألحقه بأدباء حاشيته، واحترف في تونس خطة الشهادة. وسبب انتقاله إلى تونس أن والده أوصى لذكوره وذكور أخويه بثلث مخلفه وله ذكر واحد هو صاحب الترجمة، ولكل واحد من أخويه عدة ذكور. وبعد وفاة الوالد الموصي طلب المترجم أن تكون قسمة الوصية على عدة جهات الموصي لهم لينوب، ولده ثلث الوصية وطلب اخوة الموصي قسمتها على عدد رءوس الجهات الثلاث لتضعف حصة ولده فتنازعوا في ذلك، وأدعى المترجم أن العرف إنما جرى بالقسمة على الجهات، واستفتى المفتين في ذلك فأجابه الشيخ المتبني مفتي جربة بالعمل بمقتضى العرف حسبما هو مطلوب المترجم، وبذلك أجاب مفتي صفاقس الشيخ الشرفي الذي قرر أن عرف البلد جرى بذلك وعليه العمل عندنا بصفاقس، وحكم الشيخ أحمد لولو قاضي صفاقس بما أجاب به المفتيان.
ورفع الخلاف في القضية، ثم توجّه المترجم إلى تونس ليحكم قاضي الحاضرة في القضية، وكان الشيخ محمد سعادة مفتي تونس من شيوخ المترجم، وعلم أن الدعوى لا تتم إلا بعد وقوف الشيخ سعادة عليها وأنه لا بد من أخذ فتواه فاستفتاه معتذرا عن تقديم غيره في الاستفتاء وتأخيره هو ناظما سؤاله في أوجز عبارة وألطف إشارة بقوله:(١)
يا سيدا ساد الأنام بفضله ... فسما على ظهر السما وزياده
ألقت إليك المشكلات سلاحها ... من طوعها قهرا بغير إراده
ما جاء باب للإفادة سائل ... إلا سمحت له بكل إفاده
ومتى أتى مستنجدا من دهره ... ما عوده إلا بخير إعاده
نظم الأفاضل درهم في عقدنا ... ولقد رجوت لكم تمام قلاده
فلذا جعلناك الختام لأنه ... ذو الفوز من يختم له بسعاده