ولم يلبث طويلا بعد عودته حتى سمي معلما للعربية بمدرسة باردو العسكرية، وتخلى عن التدريس بهذه المدرسة سنة ١٢٧١/ ١٨٥٥، وذلك في بداية عهد المشير الثاني، محمد باشا باي بعد تسميته مدرسا من الطبقة الأولى بجامع الزيتونة ولانتقاله بالسكنى إلى مدينة تونس، وسمي في خطة التدريس بتوسط من الشيخ محمد بيرم الرابع. ومن نبغاء تلامذته بجامع الزيتونة سالم بو حاجب، ومحمد السنوسي، وابن أخته محمد النجار، وغيرهم، ومن تلامذته بالمدرسة العسكرية بباردو الوزير خير الدين باشا، والجنرال حسين.
ثم عين قاضيا بباردو في يوم الأحد ١٥ شعبان سنة ١٢٧٧/ ٢٦ فيفري ١٨٦٧، ثم ولي خطة الإفتاء يوم الاثنين ٩ شعبان ١٢٨٥/ ٢٥ نوفمبر ١٨٦٨، ولبث متوليا لهذه الخطة نحو ثلاث سنوات، فقد أصيب بدمل خبيث طلع بين كتفيه من الخلف يسمى «حمرة وشهوة» انفتح له، فأعيا الأطباء علاجه، وكان سبب موته.
توفي يوم الأحد ٣ رجب ١٢٨٨/ ٧ سبتمبر ١٨٧١، ودفن في اليوم الموالي بمقبرة الزلاج في تربة الولي الصالح سيدي الونيش.
وكان من الدعاة إلى الأفكار الإصلاحية المتمثلة في مجاراة الأمم الأوروبية، ودراسة العلوم الرياضية والطبيعية، والأخذ بالقانون الدستوري لتنظيم هياكل الدولة، إلاّ أنه كان متلونا مضطربا يميل مع الريح حيث مالت مجاريا للأمير الصادق باي ووزيره الأكبر مصطفى خزندار وكان ذا نزعة أرستقراطية لا يعطف على الشعب ومطالبه وموقفه من ثورة علي بن غذاهم موقف الشماتة والتبرير للتنكيل بالمشاركين فيها ومدح لمحمد الصادق باي ووزيره مصطفى خزندار.
وكان أول شاعر تونسي خرج بالشعر من الأغراض التقليدية في الشعر العربي إلى ميدان الحياة العامة، على أن شعره لا يخلو من النظم