للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لي: إن المستنصر خلع عليّ جبة جربية من لباسه وتفصيلها ليس من تفصيل أثوابنا بشرق الأندلس وأريد أن تحل أكمامها، وتصيرها مثل ملابسنا، فقلت له وكيف يكون العمل؟ فقال: تحل رأس الكم، ويوضع الضيق الأعلى والواسع بالطرف، فقلت له: وبما يجبر الأعلى فإنه إذا وضع في موضع واسع سطت عليه فرج ما عندنا ما نضع فيها إلاّ رقعها بغيرها، فلم يفهم، فلما يئست منه تركته وانصرفت، قال لسان الدين بن الخطيب الذي نقل هذه الحكاية فأين هذا الذهن الذي صنع المقصورة وغيرها من عجائب الكلام (الإحاطة ١/ ٢٠٨ تحقيق عبد الله عنان).

وحاز مكانة في بلاط المستنصر بفضل سلوكه وحسن سيرته فأدخله ديوان الإنشاء، وتميز حازم في هذا الوسط، وفرض نفسه بعلمه ومواهبه، وسار ذكره في الآفاق، ووصله من المشرق إجازات.

قال ابن رشيد في رحلته: «حبر البلغاء، وبحر الأدباء ذو اختيارات فائقة، واختراعات رائقة لا نعلم أحدا ممن لقيناه جمع من علم اللغة ما جمع أخذ عن والده العربية، وطرفا من الفقه والحديث، وتردد على مدينة مرسية القريبة منه للأخذ عن أشياخها كأبي القاسم أحمد بن محمد الطرسوني، وأحمد بن محمد بن هلال العروضي الجزائري الأصل، ودخل غرناطة وأشبيلية، وأخذ فيهما عن أبي علي الشلوبين.

أحكم من معاقد علم البيان ما أحكم من منقول ومبتدع، وأما البلاغة فهو بحرها العذب والمتفرد يحمل رايتها أميرا في الشرق والغرب وأما حفظ لغات العرب وأشعارها وأخبارها فهو جماء (١) روايتها


(١) لعل الصواب: حمّاد روايتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>