وجرت على المترجم محنة على عهد قائد صفاقس ابن عطية جلّي سنة ١٠٨٨/ ١٦٧٨ في زمن الفتنة بين الأخوين علي باي ومحمد باي ابني مراد باي.
وعند ما تغلب علي باي على أخيه استلزم ابن عطية بلد صفاقس، والناس يعرفون ظلمه، فحاروا ويئسوا، فالتجأ أعيانهم إلى زاوية سيدي علي الكراي بعيالهم، وأودعوا أمتعتهم وأثاثهم بدار بعض حفدة الشيخ القريبة من الزاوية، ودخل ابن عطية جلي إلى البلد ليلا بصحبة نحو ستين فارسا من أتباعه ما بين مماليك وصبايحية، وأخرجوا من بالزاوية، واستولوا على ما في الدار، وذلك يوم السبت ١٣ صفر ١٠٨٨ هـ، وفي نفس اليوم هجم ابن عطية جلي وهو سكران على المترجم وأخرجه من الزاوية، وأجبره على المشي لداره، ثم ندم على فعلته.
وتطورت الأحداث بسرعة فاستولى محمد باي على الحكم، فأرسل ابن الانكشاري إلى صفاقس بصحبة عشرين فارسا للقبض على ابن عطية جلّي الذي التجأ إلى زاوية سيدي علي الكراي هو وأتباعه عند ما بلغه الخبر فأخذهم السيف والرصاص، وربطت أرجلهم بالحبال، وجرّوا بالأزقة. وكان بين إخراج المترجم من زاويته وقدوم ابن الانكشاري خمسة أيام، ولذلك سمي بالخموسي، وما زال معروفا بهذا اللقب إلى يومنا هذا، وللناس عقيدة إلى الآن أن من حلف به في زاويته كاذبا لا بد أن تصيبه نائبة بعد خمسة أيام، ولهذا يتحاشى أفجر الخلق وأعتاهم عن الحلف بالزاوية كذبا.
ولبث المترجم معتكفا بزاويته مدة خمسين سنة بين ذكر وعبادة ونسخ وتأليف إلى أن وافاه أجله.
ويحكى عنه أنه كان يفتتح مجلس وعظه بأبيات من نظمه تناسب الموضوع، يقرأها منغمة تنغيما موسيقيا حسب طبوع المألوف، وإلى الآن