وطرق سمع السلطان المستنصر الحفصي هذه الأقوال، وملوك الإطلاق يسارعون إلى تصديق الوشايات ضد كبار متوظفيهم، فاهتبل هذه الفرصة خصومه للإسراع بالتخلص منه، ووشى به ابن أبي الحسين وغيره لدى المستنصر بأنه اختزن لنفسه مالا جليلا وأنه عازم على القيام بثورة في المهدية، وأتت الوشايات بثمارها المرجوة، فأذن المستنصر قائدين من العلوج لمباغتته في داره والاستيلاء على ما يجدان من مال، فأخذا صندوقا فيه الياقوت والزمرد واللؤلؤ، فقيل له: ما هذا؟ وأنت تزعم الأمانة؟
- فقال: إنما اخترتها لمولانا السلطان.
- فقيل له: حسن قد وصل إليه.
ثم ألقي عليه القبض، وطولب بمال كثير فأحضره وأطلق سراحه بعد أيام، وتوقع مصيره الأقتم ففكر في الفرار إلى صقلية في مركب له، فبلغ الخبر إلى المستنصر، فاختفى مدة، ثم ظهر، فلما كان غرة محرم فاتح سنة ٦٥٩/ ١٢٦١ دخل أبو العباس أحمد بن إبراهيم الغساني على الملك المستنصر الجالس في قبة الجلوس الكبيرة بالقصبة التي بناها هو والمعروفة بقبة أساراك، ومعناها باللسان البربري المصمودي، القوراء الفسيحة، فنزل المطر، فقال المستنصر مستدعيا الإجازة «اليوم يوم المطر» اجز يا أحمد.