للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كأن صفوفها نظم الدراري ... بدت ولكل واحدة حسام

إذا ما شاهدت عيناك منه ... مسيرا فيه دل واحتشام

رأيت البحر يزخر فيه موج ... بنار قد غدت ولها اضطرام

وقد حقت لهم رايات عز ... تشير بأن جندك لا يضام

فإنك فوق هذا الدهر تاج ... وحسن التاج يكسبه النظام

سبقت إلى المفاخر كل ملك ... فما لك خشية فيما يرام

وهب أن الملوك سموا إليها ... وكل بالوصال له غرام

وما ضربوا من العليا بسهم ... وإن طاروا حواليها وحاموا

لأنك في الملوك عزيز أصل ... وأنك قد سهرت لها وناموا

بقيت كما تحب عزيز ملك ... محلك من ذرى العليا السنام

ومني كلما هبت شمال ... على علياء حضرتك السلام

ومن أحداث حياته انتخاب الشهود (الموثقين). قال ابن أبي الضياف: «وامتحن في آخر أمره بما امتحن به جده، وهو انتخاب عدد معين من الشهود فسخط كثير من أهل البلاد وسلقته الألسن الحداد، وأنّى للمخلوق وإرضاء العباد».

وذلك أن أبا عبد الله محمد باي كان ينكر كثرة الشهود ويراها مفسدة ولما دالت الدولة له تكلم مع الشيخ في ذلك وقال له: «إن الحاضرة لا يكون فيها أكثر من مائتي شاهد، وبلدانها على حسب اتساعها».وأمره بانتخاب المائتين في الحاضرة فثقل عليه ذلك وقال له:

«الأولى أن نقيد سائر من في الحاضرة من الشهود، وتعطى نسخة من ذلك التقييد لكل واحد من أهل المجلس الشرعي ينتخب منها مائتين بمقتضى ما يدين الله به، ثم تجمع تلك النسخ فمن وقع عليه اتفاق الأكثر يبقى، إلى تمام المائتين».

وكان في الحاضرة - يومئذ - أكثر من ستمائة شاهد، ولما تم الانتخاب ظهر للباي أن يثبت ما انتخبه الشيخ وحده ظنا منه أن ذلك من تعظيم الشيخ، فكتب له في ذلك جريدة انتخابه، وأمره أن يكتب في أمر كل واحد ممن انتخبهم خطه كما فعل جده فامتثل الشيخ لهذا الأمر من غير مراجعة ولا توقف حتى يظهر للعيان أنه مأمور بتنفيذه، وأنف أهل المجلس الشرعي من ذلك ورأوها ازدراء بهم وحطة، وتجرعوا مرارتها، وعاداه كل من لم ينتخبه وأطلق لسانه في مصون عرضه بالدعاء عليه وبغضه».

توفي لليلة الثلاثاء ٣ جمادي الأولى سنة ١٢٧٨/ ٦ نوفمبر ١٨٦١.

نظم شعرا كثيرا جمع الشيخ محمد السنوسي قسما منه في تصنيفه «مجمع الدواوين التونسية».

<<  <  ج: ص:  >  >>