للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكنه لم يصفه لنا ولم يحدثنا عنه لذا لا يمكن أن نطمئن في إسناده لبيرم الرابع بصفة قطعية، خاصة إذا علمنا أنه وردت إشارة في كنش السنوسي وهو مخطوط بالمكتبة الوطنية تحت عدد ٦٦٣١ ص ١١٣ هذا نصها: «وكتبت للشيخ أبي سعيد سيدي الباجي المسعودي استعير منه ما أنجزه الشيخ سيدي محمد بيرم الثاني في التعريف بشعراء إفريقيا بعد أن أرسل إليّ كراريس فيها شيء من شعره».

والسؤال الآن هل أن «الجواهر السنية» كان مسودة لبيرم الثاني نفض عليه (كذا) حفيده غبار النسيان ونسبه إلى نفسه تحت هذا الاسم؟ أم أن كراريس بيرم الثاني شيء وكتابنا هذا شيء آخر؟

وهذا التساؤل الأخير هو الأقرب إلى المعقول عندي إنّ ابن أبي الضياف معاصر لبيرم الرابع وهو أعرف به من محمد السنوسي، وشهادة المعاصر لها وزنها في الإثبات والنفي، وسكوت السنوسي عن ذكر الكتاب لا يكون كافيا في نفي نسبته إلى بيرم الرابع و «من حفظ حجة على من لم يحفظ» كما قال المتقدمون، ومن عادة ابن أبي الضياف أنه في تراجمه يكتفي بذكر أسماء تآليف المترجم له بدون وصف لها ولا تحليل موجز لمحتوياتها، فهل أن صنيعه هذا لا يطمئن إليه ولا يكفي في نسبة الكتب لأصحابها؟ أظن أن هذا شطط، ولو نعمل بما قاله المحقق الفاضل لأسقطنا أو على الأقل تشككنا في نسبة كثير من الكتب لأصحابها.

وإذا كان أصل الكتاب لمحمد بيرم الثاني ونفض عنه الغبار وأكمله حفيده بيرم الرابع فلماذا لم يشر إلى ذلك أدنى إشارة؟ إن صح هذا يكون صنيعه لبسا وتضليلا وعقوقا لجده، ونحن ننزه بيرم الرابع عن الاتصاف بهذه الأوصاف الذميمة، ولو كان مغمورا هابط المستوى لم نبرئه من الإغارة والانتحال، ولكنه له من المكانة العلمية والمنزلة الأدبية والآثار القلمية ما يغنيه عن التورط في مثل هذه الوصمة الشنعاء.

وبعد هذا قال في وصف مخطوطة الكتاب وما اشتمل عليه: «والمخطوط ناقص من آخره بحيث نجد نتيجة لذلك ترجمة الغراب ناقصة».

ويشتمل الكتاب بعد المقدمة على طبقة واحدة من شعراء تونس، ولا نجد أثرا للطبقات الموالية المشار إليها في المقدمة مما جعلنا نرجح أن المخطوط بداية مشروع علمي لم يكتمل، وهذا ما يؤكد لنا نقصه حيث إننا نجد في آخر صفحة منه (قد) إشعارا بأول كلمة في البيت الموالي في الصفحة الجديدة.

قد جرّا الأعداء حلمك فاعتدوا ... برد الجناية واقتفوا سبل الردى

وعدم اكتمال الكتاب مما يرجح أنه لبيرم الرابع لأن مسئولياته في السنين الأخيرة صدته عن إتمام تآليفه مثل التراجم المهمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>