مصطفى بن خليل المعروف بطاش كبري زاده صاحب «الشقائق النعمانية» ولم يصبر على شدة الشتاء في البلاد التركية واستأذن السلطان في الارتحال إلى مصر، فأذن له وسافر عن طريق البر فدخل حلب سنة ٩٤٤/ ١٥٣٧، واجتمع مع بعض علمائها، وقرأ عليه فيها جماعة، وأقرأ دروسا في «العضد» سمعها منه جماعة منهم رضي الدين الحنبلي صاحب «در الحبب»، ثم توعك وعوفي، ورحل مع تلميذه الطبلبي إلى دمشق فدخلاها يوم الثلاثاء رابع جمادى الأولى من سنة ٩٤٤، وقد حفظ لنا النجم الغزي أخباره في دمشق، وما كاد يعلم بقدومه القاضي زين الدين معروف حتى جاء مسلما عليه وحمله مكرما إلى داره فتوارد عليه أفاضل دمشق، وشهدوا له بالعلم والتحقيق خصوصا في التفسير والعربية والمنطق والكلام والعروض، والقراءات، والمعاني والبيان، وقالوا: لم يرد إلى دمشق من يستحضر كلام السعد التفتازاني والسيد الشريف ويقرره ولا يرد عليه غيره.
وكان ممن قرأ عليه بدمشق الشيخ علاء الدين بن عماد الدين الشافعي في أوائل تفسير البيضاوي، والقاضي زين الدين معروف رسالة الوجود للسيد الشريف، وبعض شرح آداب البحث للمسعودي، وقرأ عليه الشيخ شهاب الدين أحمد بن بدر الدين الطيبي في القراءات، وأجازه إجازة حافلة، والطيبي هذا (ت. سنة ٩٧٩ هـ) وله السكر المرشوش في تاريخ سفر الشيخ مغوش.
ثم توجه إلى القاهرة، فنزل بها، وانتشرت فضائله بها، فاشتغل عليه جماعة، وتوجه إلى مكة ولم يلبث أن انتقل إلى رحمة الله في العشر الأخير من شعبان.
وكانت له ذاكرة عجيبة وحافظة خارقة حتى إنه كان يقرأ القرآن العظيم على القراءات السبع بل العشر من حفظه بلا مطالعة كتاب، وكان شرح المطول للتلخيص مع حواشيه للسيد الشريف الجرجاني في