كان الشيخ الصادق بو عصيدة عدلا موثقا بصفاقس، ومدرسا متطوعا بجامعها الكبير وأصبح مرموقا بعين الاعتبار مشارا إليه بالبنان، وكان منتسبا للحزب الدستوري القديم، وتبرمت الحكومة بنشاطه وعند أول فرصة أوقفته عن مباشرة العدالة لشبهة بسيطة يمكن التغاضي عنها، وأصبح عاطلا يتهدده الحرمان وإراقة ماء الوجه، فأشار بعض أصدقائه عليه أن يقصد الشيخ محمد المدني شيخ الطريقة المدنية الشاذلية بقصيبة المديوني لأنه الكفيل بارجاعه إلى مباشرة خطته، فسافر إلى البلدة المذكورة وحكى للشيخ ما حدث له فطمأنه ووعده بمعالجة مشكلته سريعا لأنه كان من المقربين لدى الإقامة العامة الفرنسية، وانتسب الشيخ بو عصيدة إلى الطريقة المدنية، وأرسل لحية كثة مثل اخوانه في الطريقة، وفي أقرب وقت سمح له بالرجوع إلى مباشرة خطته وعند صدور العدد الجديد من جريدة النديم صورت جثة الشيخ بو عصيدة برأس ديك وكتب تحتها:
إن السراديك لما قام قائمها ... توهمت أنها أضحت شواهينا
وهو مأخوذ من قول صفي الدين الحلّي مع تغيير الكلمة الأولى في قصيدته الحماسية المشهورة:
إن الزرازير لما قام قائمها ... توهمت أنها أضحت شواهينا
والشيخ المدني يتندر عليه خصومه وأضداده بلقب الشيخ دجاجة لحبه أكل لحم الدجاج فيما زعموا، ولما كان من الذوق الأدبي أو لمواتاة الوزن لم يطلق على الشيخ بو عصيدة لقب دجاجة فأبدلها بسردوك (وهو الديك في اللهجة الدارجة) وجمعه سراديك مماشاة للوزن في قصيدة الحلّي.
وأدبه النثري والشعري تسري فيه الروح الفكاهية النقدية المضحكة، مع هدف واضح إلى الاصلاح، قال العلامة المرحوم الأستاذ محمد الفاضل بن عاشور مبينا ميزات شعره ونثره: «أما حسين الجزيري فإنه في شعره يتلاقى مع نثره، في مؤثراته وأغراضه فهو ساخر متهكم