للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولما أشبع نهمه من طلب العلم، وتحصل على الاجازات من مشايخه كرّ راجعا إلى وطنه وركب البحر من الاسكندرية، فغرقت السفينة ونجا إلى البر من كان بالسفينة سوى المترجم فقد رسب في قعر البحر فانتشله غوّاص ماهر فأخرجه مغمى عليه فلما أفاق سأل عن مصير كتبه، وكانت كثيرة، فسلّي بسلامة نفسه، فعاد إلى القاهرة، وجمع كتبا غيرها، ثم عاد سالما إلى بلدته جمّنة، واستقر أولا بزاوية الحمارنة قرب قابس لبث العلم وإفادة الناس، ثم انتقل إلى جزيرة جربة فعلم الناس بجامع الغرباء، وبعد مدة منعه إمام الجامع من الاقراء بغيا وحسدا فانتقل الى الاقراء في موضع آخر لا تصل إليه يد إمام الجامع المذكور، وكان يسكن هو وطلبته في هذه الفترة في أخواص من جريد، وقدم جربة وكيل مراد بن حمودة باشا المرادي، وكان يعرف المترجم له فسأل عنه فوجده على تلك الحالة، فلما رجع لتونس أمره مراد باشا بالحج نيابة عنه، فقال له يا سيدي إذا أردت أجرا خيرا من الحج فابن مدرسة للشيخ الجمني، وحكى له أمره فأذنه بالتوجه لبناء المدرسة المرادية بجربة ونصب له محراب مسجدها الشيخ بوراوي حفيد الولي الصالح الشيخ عبد السلام الأسمر المقبور هناك، وكمل بناء المدرسة سنة ١١١٥/ ١٧١٤، وبنيت فيها دار لسكناه، وجعل له النظر في حبس المدرسة، وبث العلم بتلك المدرسة، وقصده الناس من كل فج، فبذل جهده في نشر مذهب مالك، فكان يختم مختصر خليل في كل عام مرتين في ظرف تسعة أشهر، ويقرئ الحديث النبوي في بقية السنة ومن المنتفعين به ابن أخيه إبراهيم بن محمد الجمني، وعلي الشاهد، وعلي الفرجاني، ومحمد الغرياني.

واعتنى بهذه المدرسة الأمير علي بن حسين باي، فمد طلبتها والمقيمين بها بالطعام والقوت، وأسقط عنهم أنواعا من الضرائب، وحبس على المدرسة بعض الضياع لفائدة الطلبة، كما بنى للمدرسة وكالتين، وكان


- الناحية الاستراتيجية والتجارية وهي مركز لواء يحمل نفس الاسم، والمدينة واقعة على الشاطئ الرملي المنخفض ب‍ ١٠ كلم جنوبي غربي قاعدة شبه الجزيرة التي تمتد نحو الشمال إلى رأس الكاتب، والخلاصة التي نخرج بها أن الجديدة في اليمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>