للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قيل إنه كان معظما للإمام مالك، يسيء الرأي في الإمام أبي حنيفة وأصحابه، حتى روي عنه أنه قال: «تذكرت بقلبي مسائل لأبي حنيفة ركب فيها المحال اضطرارا نحو أربعمائة مسألة».

وكان فصحيا مفوها يمتلك المجلس بفصاحته وغزارة محفوظه، قال الخشني: «وكان أبو عثمان آنس الفقهاء مجلسا، وأغزرهم خبرا».

ولما زالت الدولة الأغلبية، وحلت محلها الدولة العبيدية الشيعية الإسماعيلية، حاول رجالها إفحام فقهاء القيروان، وإظهار عجزهم، وإسقاط مكانتهم لدى الجماهير عن طريق مجالس الجدل والمناظرة، بعد حملة مروعة من الاضطهاد، والتنكيل، فتصدى لهم سعيد بن الحداد، ودارت بينه وبين أبي العباس المخطوم شقيق الداعي أبي عبد الله الشيعي الصنعاني نحو من أربعين مجلسا احتفظ لنا الخشني بأربعة مجالس منها.

وقد أظهر أبو عثمان في هذه المجالس التفوق والشفوف على مناظريه، فافحمهم وكشف عن تمويهاتهم، وأعانه على ذلك قوة عارضة، وبصره الجيد باللغة وإتقانه لأساليب الجدل والمناظرة، واطلاعه على المذاهب والنحل، فذب عن السنة، وقاوم زيغ وانحراف المذهب الاسماعيلي الباطني، حتى شبهه أهل القيروان بالإمام أحمد بن حنبل أيام المحنة.

وكان له قبل ذلك مناظرات مع المعتزلة القائلين بخلق القرآن كالقاضي عبد الله بن هارون الكوفي، وعبد الله بن الأشج، وسليمان بن الفراء.

وكان له مع الحنفية جولات ومراجعات قال الزبيدي: وكان العراقيون (أي اتباع الإمام أبي حنيفة) يوجهون إليه من تلاميذهم من يعنته ويسأله فحدثني بعض أهل القيروان قال: أتوه يوما فألفوه في الحمام فلقوه وهو خارج فقالوا له: اعزك الله كيف وجدت الحمام؟ فقال: غاية في الطيب فقالوا: أمن جهة الذوق وجدت طيبه أصلحك الله؟ فقال لهم:

يا حثالة الزنادقة، واخوان المدابير، وتلاميذ الملحدين أرأيتم قوله عزّ وجل

<<  <  ج: ص:  >  >>