بارح القيروان في سنة ٤٤٩/ ١٠٥٧ - ٥٨ بعد الزحفة الهلالية فأقام فترة بسبتة ثم توجه إلى الأندلس نحو سنة ٤٥٠، وقال الحميدي: دخل الاندلس، بعد الأربعين وخمسمائة (وهو سبق قلم أو تحريف لأنه مات قبل ذلك بزمان ولعل الصواب بعد الخمسين واربعمائة) وكان دخوله الاندلس استجابة لاستدعاء قديم من المعتمد بن عبّاد صاحب اشبيلية فنزلها وبقي بها مدة ثم إن ملوك الطوائف طلبوا منه النزول في بلدانهم، وتنافسوا في إكرامه، فجاب القطر الأندلسي وأقام في بلنسية، ودانية، ومالقة، والمرية، ومرسية، قبل أن يستقر في طنجة في سنة ٤٨٣/ ١٠٩٠ حيث توفي بها.
قال المراكشي في «المعجب في تلخيص أخبار المغرب» عند الكلام عن المعتمد بن عباد: «ورحل بالمعتمد وآله، بعد استئصال جميع أحواله، ولم يصحب من ذلك كله بلغة زاد، فركب السفين، وحل بالعدوة محل الدفين، فكان نزوله من العدوة بطنجة، فأقام بها أياما ولقيه بها الحصري الشاعر، فجرى على سوء عادته من قبح الكدية، وإفراط الإلحاف، فرفع إليه اشعارا قديمة قد كان مدحه بها وأضاف إلى ذلك قصيدة استجدّها عند وصوله إليه، ولم يكن عند المعتمد في ذلك اليوم مما زود به - فيما بلغني - أكثر من ستة وثلاثين مثقالا فطبع عليها وكتب معها قطعة من شعر يعتذر عن قلتها - سقطت من حفظي - ووجّه بها إليه، فلم يجاوبه عن القطعة على سهولة الشعر على خاطره وخفته عليه - كان هذا الرجل - اعني الحصري - الأعمى أسرع الناس في الشعر خاطرا إلا أنه كان قليل الجيد منه. وكلام المراكشي ظاهر التحامل على الحصري، مع تزييف الواقع وقد وصمه بالالحاف في الكدية، وفساد الذوق، ويرى المحققان للكتاب «ان صاحب نفح الطيب يروي هذا الخبر على وجه آخر، فيقول إن الحصري كان قد ألف للمعتمد كتاب «المستحسن من اشعاره» فلم يقض بوصوله إليه إلا هو على تلك الحالة».
وعند قدوم المعتمد إلى طنجة كان الحصري مقيما بها فأتاه الحصري مستقبلا لا مستجديا والحصري شاعر موهوب له معرفة واسعة باللغة