المترجم له لنفسه بطرابلس، وبايعته قبائل العرب، وراسله الثائر أبو بكر من قسنطينة، ووعده بالنصر، فقوي عزمه وزحف على تونس التي وصلها ٨ جمادى الأولى سنة ٧١١/ ١٣١١، وخلع أبو البقاء خالد نفسه وكان مريضا وبويع أبو يحيى زكريا بالمحمدية في رجب ٧١١.
ولما استوثق له الأمر قطع ذكر المهدي بن تومرت من الخطبة واستبدل به اسم محمد بن قلاوون ملك مصر والشام لما بينهما من الود والمجاملة، وانكر عليه أهل بيته قطع ذكر المهدي من الخطبة.
وقيل إنه توجه إلى الحج سنة ٧٠٩ ثم رجع إلى القاهرة سنة ٧١٠، فجهز الناصر عسكرا فملك طرابلس، وخطب للناصر بها ثم صبحوا تونس في ثامن جمادى الأولى فنازلوها وصاحبها أبو البقاء خالد مريض، فدخل الأمير زكريا البلد وأشهد أبو البقاء على نفسه بالخلع، ثم إنه بعد استقراره بتونس أرسل إلى صاحب بجاية فهادنه فسار صاحب بجاية إلى افريقية وكان الأمير أبو بكر والي قسنطينة وعملها يستشعر ضعف قريبه السلطان أبي يحيى زكريا عن القيام بأعباء الملك لكبر سنه، وأعد العدة للثورة، فجمع حوله قبائل زناتة وزحف على افريقية وجال في هوارة وجباها، ورجع إلى قسنطينة، فخافه أبو يحيى زكريا، وعزم على مفارقة البلاد، فباع جميع ذخائر القصبة حتى الكتب التي جمعها أبو زكريا الأول وخرج من تونس سنة ٧١٧/ ١٣١٧ قاصدا قابس لمراقبة سير الأحداث، ولما بلغه أن الأمير أبا بكر هزم ولده محمد أبا ضربة خرج من قابس متوجها إلى طرابلس ببقية الجيش الذي معه وخمسين فارسا من رماة الأندلس، وأقام بطرابلس، وبنى موضعا لجلوسه بالزليج والرخام يقال له «الطارمة»، وأرسل الجيش الذي كان معه لنصرة ولده صحبة حاجبه أبي زكريا بن يعقوب ووزيره ابن ياسين الذي أعطاه مالا لتوزيعه على قبائل العرب، وزحفوا بهم على القيروان مع الأمير محمد أبي ضربة، فهزمهم الأمير أبو بكر، والتجأ محمد أبو ضربة إلى المهدية محتصنا بها، ورجع الحاجب أبو زكريا بن يعقوب وبعض فلول الجيش إلى السلطان أبي يحيى زكريا