للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فنفق في زمانه ما كان كاسدا من سوق الأصلين، والمنطق، والبيان، وسائر العلوم لأن أهل المغرب لا يعتنون بما عدا القرآن والفقه وما يوصل إلى الرئاسة الدنيوية، إلى أن رحل الستيتني إلى المشرق فأتى بشيء من ذلك، ثم وفد عليهم الشيخ خروف التونسي، وكان إمام ذلك كله والمقدم فيه إلا أنه جاء بغير كتب لابتلائه بالاسر، وغرق كتبه في البحر، ومع ذلك كان في لسانه عجمة مع ميله إلى الخمول، فلم يقدروا قدره، وإنما انتفع به الشيخ المنجور، والشيخ القصار (١)».وذكر المنجور شيئا من أحواله، وما قرأه عليه، وأسلوبه في التدريس «لازمته قريبا من سنتين أثر قدومه، وتجنبه أكثر الطلبة لوقفة كانت بلسانه تشبه العجمة، وما زال البعض منها إلا بعد مدة، ولأنهم ما ألفوا تلك الفنون، ولا عرفوا قدرها وقرأت عليه «تلخيص المفتاح» و «مختصر السعد التفتازاني» و «ايساغوجي» و «الرسالة الشمسية» في المنطق للكاتبي وبعض «جمل الخونجي» و «جمع الجوامع» للسبكي، و «محاذي ابن هشام» ختمته وأعدته إلى الإضافة، وجملة من القطب على «الشمسية» وختمت عليه «ايساغوجي» مرارا يضع ضروب الأشكال المنتجة والعقيمة من الاقتراني وما تركب من الحمليات والشرطيات متصلة أو منفصلة أو متنوعة أو من الحملي والشرطي ومن الاستثنائي، وصدرا من التناقض أو العكس في لوح الاستملاء حتى تفهم هنالك، وعلى يده فتح الله بصيرتي في تلك العلوم وبعد ذلك ذهبت إلى شيخنا الإمام اقرأ عليه فوفق الله أن قرأت عليه المنقول، وسهل الأمر عليّ وعليه.

وذاكرت شيخنا خروف بعد قراءتي عليه سنين كثيرة إلى أن توفي سنة ست وستين واستفاد مني كثيرا من تلك العلوم وغيرها كما استفدت كذلك، وحضرت أثناء قراءتي عليه دولة في عبادات «مختصر» خليل يقرئها في بيتي بمدرسة العطارين، وصل فيها إلى قريب من باب الزكاة، وكان عليه تكلف وعسر في ذلك إذ لم يكن كتب في الفقه ما حفظ ولا درس، وإنما كان ينفذ في البيان ونحوه من الأدب، وشارك في النحو، والمنطق،


(١) خلاصة الاثر ٤/ ٢١ في ترجمة محمد بن قاسم القيسي الغرناطي المعروف بالقصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>