الحفصي المذكور على بجاية، وكتب يستقدم عبد الرحمن بن خلدون من الاندلس، وولاه الحجابة وفاء بوعده وفي سنة ٧٦٧/ ١٣٦٥ - ٦٦ دارت معركة حاسمة بين الأمير أبي عبد الله محمد وبين ابن عمه الأمير أبي العباس أحمد صاحب قسنطينة قتل في أثنائها أمير بجاية، فاستولى عليها، وأبقى عبد الرحمن بن خلدون على خطته، وأكرم أخاه يحيى، وشعر عبد الرحمن بما يحاك ضده من دسائس ووشايات، فتحصل بعد لأي على الإذن في مبارحة بجاية، وبقي أخوه يحيى بها، وأفلحت الدسائس والوشايات، فتنكر الأمير ليحيى وسجنه بعنابة، وكبس بيته وبيت أخيه عبد الرحمن لظنه وجود ذخيرة بهما وأموال فلم يجد بهما شيئا، وبعد قليل فر يحيى من السجن، والتحق ببسكرة حيث نزل أخوه عبد الرحمن في جوار شيخها أحمد بن يوسف بن مزني.
ولما اعتذر عبد الرحمن عن طلب ملك تلمسان أبي حمّو موسى بن يوسف في الالتحاق بخدمته، رحل يحيى إلى تلمسان نيابة عن أخيه، ووصلها في رجب /٧٦٩ فيفري ١٣٦٨ وولاه أبو حمّو كتابة سره بديوان الانشاء.
وعند ما علم أن تلمسان مهددة باحتلال المرينيين، اغتنم فرصة غياب السلطان فبارحها في بداية سنة ٧٧٢ والتحق بفاس، ودخل في خدمة السلطان عبد العزيز المريني ناسيا جميل أبي حمو ثم بعد السلطان عبد العزيز ابنه محمد السعيد المنصوب مكانه، ولما استولى السلطان أبو العباس المريني على المدينة البيضاء (فاس الجديد) في سنة ٧٧٥/ ١٣٧٣ استأذن في اللحاق بتلمسان، فأذن له واقتبله أبو حمو بحفاوة، وأرجع له وظيفة كتابة السر، وأحرز سريعا على ثقته، وهو ما أثار حسد الاتباع الآخرين وكان من أشدهم الأمير أبو تاشفين الثاني الابن الأكبر لأبي حمو وولي العهد، فقد طلب هذا ولاية وهران من أبيه التي كان أولى عليها ابنه أبا زيان أخا أبي تاشفين فتظاهر أبو حمو بقبول مطلبه، وعهد إلى المترجم له بمماطلته في كتابة عهد ولاية وهران حتى يجد أبو حمو مخرجا من هاته المشكلة، وظن أبو تاشفين أن الابطاء في إتمام رغبته سببه يحيى بن خلدون، فصمم على