القاسم بن الحاسب سبط السلفي، وشيوخه يزيدون على الثمانين كما ذكره في برنامجه وقاله العواني، والعبدري في رحلته.
كان معتنيا بالآثار جامعا لها، محدثا فقيها، مؤرخا، مشاركا في العلوم النقلية والعقلية، نظم الكثير وربما أجاد في بعضه، قال العبدري:
وله نظم جيد كثير، ومما كتبه على جلاء الأفكار في مناقب الأنصار من تأليفه:
كتبت جلا الأفكار في فضل معشر ... بهم عزّ دين الله في الشرق والغرب
الهي فحقّق للأسيديّ ما رجا ... بتأليفه واغفر لنا سائر الذنب
وبوّأه والقاري ومن هو سامع ... وكاتبه اعلا المقامات في القرب
لقيه العبدري واثنى عليه، وامتدح سعة مروياته، وأجازه إجازة عامة، ولقيه محمد بن جابر الوادي آشي في تونس، وروى عنه، ووصفه بالشيخ الفقيه العدل المؤرخ الفقيه المسند.
قال ابن ناجي: وكان عادلا شهادته اكثرية، يرفع على خطه، ويظهر من هذا أنه كان مباشرا لخطة العدالة في بلده القيروان، وسبب تسمية جده الكبير بالدباغ هو أنه قدّمه قاضي الجماعة والسلطان لقضاء بلده وكتب له الظهير وبعث له به فلما عرف أن الظهير يرد عليه في وقت الضحى بكر إلى دار الدباغ وعرى حوائجه (١) وتحزم ثم أخذ يملي بالدلو من بئر الدار ويفرغ على الجلود، فلما وصل الرسول بالظهير إليه طلبه في داره وفي المسجد وما زال يبحث عنه حتى وجده فقال له يا سيدي، نحب البشارة. فقال له ارجع بظهيرك وقل لمن بعثك به وجدته دباغا فلا يليق بكم أن تقدموا من كانت هذه حالته قاضيا على رقاب الناس، فلما عرف من ذكر نعرف أنه ليس صناعته دبغ الجلود، وإنما تظاهر بذلك بقصد
(١) كلمة مستعملة إلى الآن في اللهجة التونسية ومعناها نزع الثياب، ونستفيد من النص أنها كانت مستعملة منذ العصر الحفصي.