القفار، والرياح في البحر، وله مطبخ في بيته يصرف فيه كل يوم ما تصلح به الأطعمة والبزارات، ما يشرب من القهوة ثمانية عشر محبوبا.
هذا كله بعد ما ظهرت هذه الحاشية (١) وخرجت ومضى على ذلك سنين لأن الحاشية وصلت صفاقس قبل سفري إلى القاهرة بسنين عديدة، ولما وردتها وجدت الشيخ يوسف في غاية الضعف والسقم، فلم يمكنني التلاقي به إلا في محله، ولم آخذ عليه شيئا في غيره لكونه هجر الجامع.
فكان سفري إلى القاهرة والتلاقي بأشياخها، والأخذ عنهم مما جمعته طراز مفاخري على أقراني ولله الحمد على ذلك».
وقد ذاكر الشيخ يوسف الحفناوي في الشعر ونقده، واثبت طرفا من ذلك في حاشيته، كما أخذ عن الشيخ علي الصعيدي، وسافر إلى الاسكندرية، واجتمع فيها بأحد الأدباء الظرفاء أحمد شتوان أصيل بلدة بني غازي، واستعار منه «وفيات الأعيان» لابن خلكان، واقتبس منه فوائد، وقيد منه شوارد وكان هذا دأبه مدة مقامه بمصر، فهو مغرم بمطالعة الكتب النادرة الوجود ببلده «كوفيات الأعيان» و «خريدة القصر» للعماد الأصبهاني.
ثم إن والده توسط له في الرجوع إلى مسقط رأسه فرجع ولبث بها مدة إلى أن توفي شهيدا بالطاعون.
والظاهر أن اعتداده بمواهبه وعلمه، وسلاطة لسانه، والمجابهة بالمكروه، والتهكم على الناس جرت له المتاعب في حياته، وكونت له عقدة بغضاء لبلده ومعاصريه، وننقل عنه حادثة دونها بقلمه تؤيد ما قلناه «قلت ومن الغرائب أنه دخل عليّ بعض المدرسين وأنا أكتب في هذا المحل فوقف على قوله «والعائد على المبتدأ الأول مستتر في بانوها» فأشكل عليه قوله «مستتر في بانوها» ثم قال كيف يقول «مستتر» وهو ظاهر موجود يعني بارزا.