للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في التعليم، وأخذ عنها أهل تونس، واتصل سند تعليمهما جيلا بعد جيل حتى انتهى إلى القاضي محمد بن عبد السلام، ثم انتقل هذا السند التعليمي من تونس إلى تلمسان. قال ابن خلدون (١): «وبعد انقراض الدولة بمراكش ارتحل إلى المشرق من افريقية القاضي أبو القاسم بن زيتون لعهد المائة السابعة فأدرك تلميذ الإمام ابن الخطيب، فأخذ عنهم واتقن تعليمهم، وحذق في العقليات والنقليات، ورجع إلى تونس بعلم كثير وتعليم حسن، وجاء على أثره من المشرق أبو عبد الله بن شعيب الدكالي كان ارتحل من المغرب فأخذ عن مشيخة مصر، ورجع إلى تونس، واستقر بها، وكان تعليمه مفيدا فأخذ عنهما أهل تونس واتصل سند تعليمهما في تلاميذهما جيلا بعد جيل، حتى انتهى إلى القاضي محمد بن عبد السلام شارح ابن الحاجب وتلميذه، وانتقل من تونس إلى تلمسان في ابن الإمام وتلميذه، فإنه قرأ مع ابن عبد السلام على مشيخة واحدة، ومجالس بأعيانها. وتلميذ ابن عبد السلام بتونس وابن الإمام بتلمسان لهذا العهد إلا أنهم من القلة بحيث يخشى انقطاع سندهم».

قال المقري (٢): «له تمكن من ملكة التعليم، وقدم إلى تونس فانتفع به أهلها» ولاحظ أيضا أن طريقته النظرية تلفاها تلميذه محمد بن عبد السلام، ثم استقل بها محمد بن عرفة، ولما رجع إلى تونس من رحلته المشرقية الثانية تولى بها قضاء الجماعة، فعظم محله ونبل قدره، وانتفع به الناس، وكان إماما عالما، حسن الخلق والخلق.

قال ابن رشيد: «كان أبو القاسم ممن أعزّ به العلم، وصان نفسه عن الضعة والابتذال، وأعانه على ذلك الجد وسعة الحال، وكان المفزع إليه في الفتيا بتونس».

وهو أول من أظهر بتونس تآليف الإمام فخر الدين الرازي، وأول من نشر طريقته في الأصول.


(١) مقدمة ابن خلدون (مط. مصطفى محمد، القاهرة، بلا تاريخ) ص ٤٣١.
(٢) ازهار الرياض ٣/ ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>