الرياضيات والفلك والملاحة والشيخ علي النشرتي، والشيخ محمد الزرقاني، والشيخ منصور المنوفي، والعلامة النفراوي، والشيخ البشبيشي، وابراهيم الفيومي، وأحمد بن الفقيه، وأجازه هؤلاء المشايخ الذين قرأ عليهم ومجموع الاجازات في سفر نحو ست كراريس، وعند محاولته الرجوع إلى تونس عن طريق البحر غرقت السفينة التي تحمله في ميناء الاسكندرية في ليلة السفر، وغرق أثاثه وكتبه ومذكراته. وبسبب فقره وبسبب الحرب بين الفرنسيين والانكليز التي صيرت البحر غير آمن لبث بالاسكندرية ثلاثة أشهر، واهتم به علماء البلدة وبالخصوص مفتيها الشيخ يوسف الخوشي، وسمحوا له بالتدريس في عدة مساجد، وكانوا يحضرون دروسه أحيانا، ولما يئس من الرجوع مباشرة إلى تونس، وعلم بأن السفن التونسية باستانبول قبل عرض من يسمى سلام لحمله في سفينته إلى استانبول، وفي البحر هاجم النصارى السفن التونسية التي كانت عائدة إلى تونس، وهكذا اضطر المترجم إلى الاقامة في استانبول التي مدح كرم سكانها عامة وعلمائها خاصّة ونزل ضيفا عند قاضي العسكر عارف افندي، ومدحه بمناسبة تعيينه في هذا المنصب الذي تقلده، بعد عشرين يوما من وصول المترجم إلى استانبول. وأحرز المترجم على نصيب من مال الأوقاف المخصصة للعلماء التي توزع عادة في المولد النبوي، وكان نصيبه ثلاثة وثلاثين ريالا تونسيا وذكر هذا للمقارنة بالأوقاف التونسية التي كانت تدار إدارة سيئة، وألقى دروسا في استانبول وحضر دورسا أخرى، لكنه لم يستطع التحاور محاورة مفيدة مع بعضهم لاختلاف اللغة عدا قلة من العلماء يجيدون العربية كعارف أفندي على أنه احتفظ بانطباع حسن عن استانبول، ولولا حب الوطن والواجب نحو الأهل لبقي بها.
وعند ما رجع إلى تونس ألقى دروسا احتسابا لكن سرعان ما حباه الأمير بالعطاء، وذكر حسين خوجة في «ذيل بشائر أهل الإيمان» أن الأمير أسند إليه وظيفة مدرس بجامع الزيتونة وسماه أيضا بالمدرسة المنتصرية، وذكر الشيخ محمد السنوسي في «مسامرات الظريف» انه صار شيخا للمنتصرية