وكسر النون الأولى وفتح الثانية) ثم انفصل إلى سبتة، ثم إلى بجاية بعد الأربعين وستمائة ٦٤٠، وتولى الامامة والخطابة بجامعها، ودرس بها مدة «وكثر الآخذون عنه والسامعون منه والمعتقدون. قال ابن عبد الملك المراكشي: «ثم استدعي متوها به في حدود أربعة وخمسين وستمائة إلى تونس، وقدم للخطابة بجامعها الجديد (١) والصلاة بها، وتصدى لاسماع الحديث وغيره متظاهرا بسعة الرواية، والاكثار من الشيوخ - حسبما تقدمت الاشارة إليه في سرد شيوخه - فأنكر كثير من الناس عليه ونسبوه إلى ادعاء ما لم يروه، ولقاء من لم يلقه على الوجه الذي زعمه. وعلى الجملة كان قاصرا عن ما يتعاطاه من ذلك، شديد التجاسر عليه تأييدا لما ناله من الجاه والحظوة عند الامير بتونس الذي ولاه الخطبة والامامة بجامعه وألحق وراء ذلك».
وهذا تحامل من ابن عبد الملك المراكشي لان الغبريني أطال في الثناء عليه من حفظ الأحاديث، ومعرفة الرجال، والغريب واللغة، قال في حقه:
«كان راوية حافظا للحديث، عارفا برجاله واسمائهم وتاريخ وفاتهم ومبلغ أعمارهم، وكان يقوم على البخاري قياما حسنا، وكان إذا قرأ الحديث يسنده إلى أن ينتهي إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، ثم إذا انتهى الاسناد رجع إلى ذكر رجاله فيبدأ من الصحابي - رضي الله عنه - فيذكر اسمه ونسبه وصفته وتاريخ ولادته ووفاته وحكاية أن عرفت له، ثم يتلوه بالتابعي كذلك، ولا يزال يتبعهم واحدا واحدا إلى أن ينتهي إلى شيخه فيقول ويذكر ما ذكر فيمن تقدم، ويزيد على ذلك بأنه لقيه وقرأ عليه كذا، وسمع منه كذا، وبعد الفراغ من ذلك يذكر لغة الحديث وعربيته، ويتعرض لما فيه من الفقه والخلاف العالي ودقائقه ورقائقه المستفادات منه، كل ذلك بفصاحة لسان، وجودة بيان».
وقال تلميذه أبو جعفر بن الزبير: «أجاز له نحوا من أربعمائة، ثم