واستعمله ناظرا على مزرعته ومكث بهذه البلدة نحو ثماني سنوات بين (٨٦٢/ ١٤٥٧ - ٨٧٠/ ١٤٦٥) لأنه كان موجودا بقصور الساف في العام الذي غلا فيه الطعام وهو عام ٨٦٢/ ١٤٥٧.
وأخلص المترجم في خدمة شيخه وراض نفسه على ممارسة حياة صوفية، ومن ذلك انه غرس بعض الأشجار المثمرة في جنان شيخه ومنها الرمان فاتفق مجيء الاعراب إلى الشيخ في فصل نضج الرمان فقال له يا أحمد بن مخلوف ائتني بالرمان الطيب، فذهب إلى الجنان فاختار الرمان الأحمر الكبير، وأتى به فوجده حامضا فقال له: ارجع ائتنا بالطيب، فرجع فاختار ما راقه في الظاهر فأتى به فوجده حامضا فقال له الشيخ: أنا أقول ائت بالطيب وأنت تأتي بالحامض، فقال له: يا سيدي لا أعرف الحامض من الطيب، فقال له الشيخ: أنت غرسته بيدك ولم تعرف الطيب منه من الحامض، قال: نعم أنت لم تأمرني بالأكل وأنا لم أجسر على أكله بغير إذنك، فتعجب الشيخ من ذلك وقال: يا أحمد، شيخ ما يخدم شيخ فعليك بالقيروان، فانتقل المترجم إلى القيروان في سنة ٨٧٠/ ١٤٨٥، ولم يغادر القيروان إلا مرات قليلة، ذهب إلى الحج سنة ٨٧٨/ ١٤٧٣ وزار تونس في رمضان سنة ٨٧٩/ ١٤٧٤ وتردد على مواطن الحنانشة في المنطقة التي تقع بين ترسق في ضفة مجردة بتونس وبين جبال الأوراس بالجزائر.
وكان استقراره بالقيروان في مرحلة الكهولة، وتولى فيها امامة جامع الداروني بحومة الباي حاليا، وأقرأ القرآن بمكتب قريب منه، وتزوج بامرأة قيروانية وسنه نحو الاربعين.
وكان فقيرا في بداية أمره، وبعد رجوعه من الحج بفترة قصيرة قام أحمد التباسي ونصر بن أحمد المقنعي الحناشي بنشر الطريقة، والثاني نشرها بين قبيلة الحنانشة القوية بالجزائر، فأقبلت الدنيا على المترجم وانقلب عسره إلى يسر.
وحاز شهرة علمية كبيرة حتى كان أهل العلم يفدون إليه من القطر الجزائري لحل ما يشكل عليهم مثل نصر بن أحمد المقنعي الذي جاءه من