التسجيل وما يطرأ من خلافات بين التونسيين والأجانب واقترح وضع القانون العقاري فكان المترجم من العمد في تدوينه وصدر به الأمر عام ١٣٠٣/ ١٨٨٥، وبمقتضى هذا القانون تأسس المجلس المختلط العقاري، وانتخب المترجم لرئاسة القسم التونسي فيه.
واختير ضمن من سيضعون لائحة مجلة العقود والالتزامات فكانت تقاريره محل إعجاب أساتذة الحقوق في الجامعات الأوربية الذين حلوا بتونس لهذا الغرض.
وولي في عام ١٣٠٣/ ١٨٩٠ خطة الافتاء للمالكية مع احتفاظه بوظائفه الأخرى فأظهر فيها ضلاعة فقهية مع براعة فائقة في تطبيق الفروع على الأصول.
ومن حبه للخير وإيثار العمل الصالح أنه تنازل في سنة ١٣٢٤/ ١٩٠٦ عن مرتب التدريس للمتطوعين بالتدريس بجامع الزيتونة، وأوصى لهم بقطع من المزارع يصرف لهم ريعها بعد وفاته.
وفي سنة ١٣٢٥/ ١٩٠٧ استقال من جميع وظائفه عدا التدريس بجامع الزيتونة لتقدمه في السن وضعفه عن القيام بأعباء وظائفه وبقي في التدريس يدرس تفسير البيضاوي، وقبلت الدولة استقالته من منصب الفتوى والنيابة بجامع الزيتونة، وسمته مفتيا شرفيا ونائبا شرفيا، وعينت له في السنة أربعة آلاف وسبعمائة وأربعين فرنكا مرتبا دائما.
وفيما يخص أخلاقه قال عنه تلميذه محمد الخضر حسين: «كان ذا جبين طلق وصدر رحب يقابل الأذى بالحلم، وربما ابتسم للكلمة يرمى بها وهو شاعر بما تنطوي عليه من سوء، ولا تأخذه رفعة منصبه من الانبساط للفقراء والأميين والنزول إلى محادثتهم بقدر ما يفهمون، وله عطف على سائر المتعلمين، واعتناء بالغ بالأذكياء منهم، كما اشتهر بالمحافظة على إجلال الأساتذة، ورعاية حقوقهم في حال الغيبة واللقاء.