للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المرّ موقوف على الحر، فلو تقدمت فعلت ذلك لخف عنها مركبي وصرفت إلى سواها رحلة طلبي، ولكان في الأرض مرمى شاسع ومنتاب واسع، بل شبلت حتى تورطت حتى عوجلت بما يعامل به ذوو الجرائر والذنوب، وجرعتني المذلة بأرض ذنوب، هذا مع ما حبرت من المدح التي اشتهرت شهرة الصباح، وهبّت هبوب الرياح، ولهج بها الحادي والملاّح.

فسار بها من لا يسير مستعرا ... وغنّى بها من لا يغنّي مفردا».

متى قدم إلى مصر؟ وهل أقام بالمهدية مدة في بلاط الملوك الصنهاجيين قبل ارتحاله إلى مصر؟ وما هو سبب سجنه بمصر؟ ومتى حل بالمهدية بعد خروجه من مصر؟

هذه الاسئلة لا تتفق المصادر التي ترجمت له في الاجابة عنها، وتبادر بالقول بأنه لم يقم بالمهدية فترة من الزمان تحت رعاية ملوكها الصنهاجيين، بل كان مقصده من رحلته البرية الحلول بمصر على ما يستفاد من مطالعة «رسالته المصرية» التي نقلنا منها الفقرات السابقة، وهي نصوص صريحة يبطل معها كل اجتهاد شخصي أو محاولة ترجيح أو توفيق بين الروايات المتضاربة المدونة في المصادر التي تكفلت بترجمته.

أما عن تاريخ حلوله بمصر فقد نص المؤرخ الثقة ابن خلكان أنه قدم الاسكندرية مع أمه يوم عيد الأضحى من سنة تسع وثمانين وأربعمائة ٤٨٩ (١٠٩٦) في أيام الخليفة المستنصر الفاطمي ووزيره الأفضل شاهن شاه ابن أمير الجيوش بدر الجمالي الأرمني، وذكر ياقوت الحموي في «معجم الأدباء» أنه «كان قدومه إلى مصر في أيام المسمى بالآمر من ملوك مصر واتصل بوزيره ومدير دولته الأفضل شاهن شاه ابن أمير الجيوش بدر».

وحسب هذا القول كان حلوله بمصر على عهد الآمر بأحكام الله منصور ابن المستعلي بالله أحمد ابن المستنصر الفاطمي، ويمكن الجمع بين الروايتين بأنه ورد مصر في أيام المستنصر، وأنه لبث في زوايا الخمول والإغفال إلى أن اتصل بالوزير الأفضل شاهنشاه فذاع صيته ولقي الاكرام

<<  <  ج: ص:  >  >>