جمة، وأمر بحبسه وإن لم يستوجب ذلك، وبقي في الاعتقال إلى أن شفع فيه بعض الأعيان وأطلق، وكان ذلك في خلافة الآمر بأحكام الله ووزارة الأفضل ابن أمير الجيوش».
وعلق الأستاذ قدري حافظ طوقان على هذه الحكاية في كتابه «تراث العربي العلمي في الرياضيات والفلك» بقوله: «ومن هذا يتبين جليا أن العرب فكروا في إمكان رفع المراكب الموجودة في قعر البحر، وهذا ولا شك يعطي فكرة عن بعض التقدم الذي وصلت إليه العلوم الطبيعية والهندسية عند العرب في القرون الوسطى إذ في صنع الآلات بأشكال هندسية، واستعمالها في رفع الأثقال دليل على تقمصهم بحث الميكانيكا والهندسة وبراعتهم في الجمع بينهما جمعا عمليا».
وبعد خروجه من السجن استقر بالمهدية في سنة ست وخمسمائة، وخدم الأمراء الصنهاجيين أبا الطاهر يحيى بن تميم بن المعز بن باديس وابنه علي وابنه الحسن آخر أمرائهم إلى أن أدركته منيته في يوم الاثنين غرة محرم سنة ٥٢٩/ ١١٣٥ ودفن تحت الرباط الكبير بالمنستير.
والمترجم شخصية خصبة المواهب متعددة الجوانب، خصبة الانتاج، فهو شاعر ناثر ومؤرخ آداب، وطبيب وعالم رياضي، وفلكي وموسيقي، قال ابن أبي اصيبعة:«وقد بلغ في صناعة الطب مبلغا لم يصل إليه غيره من الأطباء، وحصل من معرفة الأدب ما لم يدركه كثير من سائر الأدباء، وكان أوحد في العلم الرياضي متقنا لعلم الموسيقى وعمله جيد اللعب بالعود».
قال المقري في «نفح الطيب» إنه: «هو الذي لحن الأغاني الافريقية».
قال ابن سعيد:«وإليه تنسب إلى الآن» أي القرن السابع الهجري في عهد الدولة الحفصية.