في مضمارهم، ومعارك أنظارهم، ويحذو في الفقه حذو العلامة أبي الفداء إسماعيل التميمي من مشاركة الأصول بالفروع، لا يذكر فقها أو ترجيحا إلا بدليله ويقول: لا يعجبني أن أقول هكذا قال الفقهاء، وما يمنعني أن أعلم الدليل كما علموه».
وفي دولة المشير محمد الصادق باي في سنة ١٢٧٧/ ١٨٦١ تقلد خطة الافتاء، ونقابة الاشراف والاحتساب على فواضل الأحباس في طرق البر العامة، وخطة الاحتساب هذه تشبه خطة مدير إدارة الأوقاف كالاشراف على الأوقاف بالبلدان بواسطة النواب كما هو الشأن بعد تأسيس إدارة الأوقاف وتنظيمها، وهذا الإصلاح من مبتكرات الوزير خير الدين.
وعين عضوا في مجلس الباي الخاص، والمجلس الأكبر للشورى «الحامي لحقوق المملكة والدولة والسكان» قال ابن أبي الضياف: «فلم يكن عند الظن في مصلحة البلاد والعباد، وربما أعان شراع الوحدة بالاستبداد لما رأى في ذلك من المصلحة والاجتهاد».
وابن أبي الضياف عفيف القلم، يلتمس المعاذير لمعاصريه ومعارفه وإلا فإن الإعانة على خرق القانون الدستوري وتأييد الحكم الاستبدادي المطلق ليست فيهما مراعاة المصلحة العامة. كان ذكيا، عالي الهمة، رفيع الأخلاق، كاتبا شاعرا، حلو المحاضرة، طيب المعاشرة مع تلاميذه، بعيدا عن التصنع في الزي يلتحف في الشتاء بالحولي، ويقول لمن يعذله:«دونك وقولي».
كانت له أملاك ودخل من أوقاف أسرته، ودخل من وظائفه، فعاش عيشة سيد، وهذا الثراء أعانه على أشباع نهمه من الكتب العلمية النادرة الوجود، فعند ما كان يدرس المطول في البلاغة استجلب كتاب دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني واستنسخه من بعض مكتبات استانبول بواسطة بعض التجار لأن الكتاب غير موجود بتونس فكان لدرسه رنة عظيمة في المحافل العلمية.