فقد سمعت مرة من معلم وهو زيتوني قديم أن الشيخ ابن عاشور ألغى من برنامج الدراسة الكتب ذات البركة ودهشت من هذا الكلام فبركة الكتب في حسن أسلوبها الموصل للمعلومات بأيسر الطرق لا في قدمها وتعقد أسلوبها وصعوبة أخذ ما فيها فمثل هذه الكتب تجاوزتها الأحداث هي وبركتها الخيالية الموهومة.
وكان جم النشاط غزير الإنتاج تزينه أخلاق رضية وتواضع فلم يكن على سعة اطلاعه وغزارة معارفه مغرورا كشأن بعض الادعياء ممن لم يبلغ مستواه. وألقى المحاضرات القيمة التي كان البعض منها مرجعا للباحثين في الجمعية الخلدونية وجمعية قدماء الصادقية.
قال زميله وصديقه العلامة المرحوم الشيخ محمد الخضر حسين «وللأستاذ فصاحة منطق وبراعة بيان ويضيف إلى غزارة العلم وقوة النظر صفاء الذوق وسعة الاطلاع في آداب اللغة» إلى أن قال وبالإجمال ليس أعجابي بوضاءة أخلاقه وسماحة آدابه بأقل من إعجابي بعبقريته في العلم».
قام برحلات إلى المشرق لأداء فريضة الحج وإلى أوروبا واستانبول حيث شارك في مؤتمر المستشرقين سنة ١٩٥١.
وهو أول من أحرز على الجائزة التقديرية للرئيس الحبيب بورقيبة سنة ١٩٦٨.
قال عن نفسه: «ولا آنس برفقة ولا حديث أنسي بمسامرة الاساتيذ والاخوان في دقائق العلم ورقائق الأدب، ولا حبب إلي شيء ما حببت إلي الخلوة إلى كتاب والقرطاس متنكبا كل ما يجري من مشاغل تكاليف الحياة الخاصة ولا أعباء الامانات العامة التي حملتها فاحتملتها في القضاء وإدارة التعليم حالت بيني وبين أنسي في دروس تضيء منها بروق البحث الذكي والفهم الصائب بيني وبين أبنائي الذين ما كانوا إلا قرة عين وعدة فخر، ومنهم اليوم علماء بارزون، أو في مطالعة تحارير أخلص فيها نجيا إلى الماضي من العلماء والأدباء الذين خلفوا لنا آثارهم الجليلة ميادين