الباي حمودة باشا بماله من حق التعليم بما لا يحتمله من الشباب، وعلى رجال دولته ويحتملون له لقصور الانشاء والترسيل على قلمه يومئذ، ولما تفاقم الحال أردفه مخدومه بولاية العلامة الأكتب، الجامع بين شرفي النسب والاكتساب أبي محمد سيدي حسن بن عبد الكبير الشريف، فغص منه، وضاق ذرعه لتقدمه في العلم والصناعة، فتحيل - يغفر الله له - بما اقتضى انفصال سيدي حسن الشريف عن خطة الكتابة، وابدل الله درهمه دينارا».
وفي أوائل دولة حمودة باشا وقعت ولاية العمال بمشارطة مالية وهي من إشارة صاحب الترجمة أثناء مداولة بمجلس استشاري للوزراء عقده الباي حمودة باشا وكان العمال يتفننون في سلب أموال منظوريهم بعناوين مختلفة ويرشون حاشية الباي ووزراءه مما نهبوا، وأشار صاحب الترجمة أن تكون ولاية العمال على يد الوزير يوسف صاحب الطابع، وكان من المنكرين على صاحب الطابع الوزير مصطفى خوجة، ولم يتصل أصحابه بالوزير صاحب الطابع، فقيّض عليهم من زاد عليهم في المشارطة فاشتد حنق الوزير مصطفى خوجة وصار ينكر ذلك، ويوسف صاحب الطابع يتحمل ويتجاوز له لشيخوخته ومكانته في الدولة، وكان الحاج فرج الجوز عاملا بباجة وله صلة قوية بالوزير مصطفى خوجة، فامتدت له يد يوسف صاحب الطابع، فأتاه يستشيط غضبا فقال له: إن أردت الولاية فهذا سبيلها، وإن أردت التخلي فأنت في سعة، هكذا دبّر الحاج حمودة بن عبد العزيز».
قال ابن أبي الضياف: «فعظم على الحاج فرج ذلك، وكان له ابن أخ فاتك داعر ترصد للحاج حمودة وضربه بالرصاص منصرفا من باردو امام سيدي عبد الله الشريف فحمل إلى داره مغشيا عليه إلا أن الضربة لم تصب مقتلا، ولا هشمت عظما وعظم وقع ذلك عند الباي، وقد قبض على الضارب، وحضر بين يديه وأمر أن يوثق كتافا ويحمل إلى الوزير الكاتب الشيخ حمودة بن عبد العزيز ليحكم بما يراه من العقوبة، فصادف أن كان الشيخ في معاناة ألم الجرح فحكم بتكسير يديه ورجليه والقائه ببطحاء