إلى ذكر تاريخ الحفصيين، والمعارك بين الأسبان والترك، واحتلال سنان باشا للبلاد ثم تأتي بعض التأملات عن عظمة وانحطاط الأسر المالكة مستلهمة من ابن خلدون كما في القسم الخاص بالحفصيين يتبعها بسطة عن أفراح وأتراح تونس خلال العصور. والكتاب لا يخلو من أهمية تاريخية لولا إثقاله بالمقتطفات الشعرية والنثرية (مقامات)، وبعد قرن رأى ابن أبي الضياف أن هذه المأثورات لا فائدة فيها حيث قال:«وقد اعتنى وزيره العلامة الكاتب أبو محمد حمودة بن عبد العزيز بتخليد مآثره ومحاسنه وأنبائه في تاريخه حتى كاد أن يلحق بالمداحين من الشعراء، ومجته العقول لذلك على بلاغته وجميل نسقه وبديع نسجه».
وقال في أوائل الجزء الأول من تاريخه عند تعرضه لمن اعتنى بتاريخ تونس من المتقدمين:«وجرى في مضمارهم العلامة الوزير الكاتب أبو محمد حمودة بن عبد العزيز إلا أن كتابه في أخبار مخدومه أبي الحسن الباشا على باي الحسيني - كما أشار إلى ذلك في كتابه المذكور - وذكر غيره استطرادا، وانتهى بانتهاء دولته فهو أشبه بالمديح».
ومصادره ليست موضع أي نقد وعند ما تتناقض يفضل المصادر الأحدث عهدا فيأخذ مثلا برأي الوزير السراج عوضا عن ابن أبي دينار، ورأي المخبرين الشفهيين المعاصرين قبل رواية المؤلفين الأموات، ودلائل هذا الاختيار عنده هي أنه يحب الأخذ بتصحيحات المؤلفين المحدثين لنصوص المؤرخين الذين سبقوهم، وفيما عدا ذلك فإن هؤلاء لا يكادون يغلطون.
وفي الكتاب صورة عن الحياة الاقتصادية والفكرية من الفتح التركي إلى عصر المؤلف.
حقق الجزء الأول منه (قسم السيرة) الشيخ محمد ماضور ونشرته الدار التونسية للنشر (تونس ١٩٧٠).