للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليجز: قام القوم إلا زيد؛ لأنه يؤول بقولك: لم يجلسوا، ومع ذلك لم تعتبر العرب هذا التأويل، فتبني عليه كلامها».

وقال الرضي في شرح الكافية [١: ٢١٣]: «وتأويل النفي في غير الألفاظ المذكورة (أبي، قل، أقل) نادر؛ فلا يجوز: مات الناس إلا زيد، أي لم يعش».

كذلك جاء الاستثناء المفرغ بعد (لا يزال) في قوله تعالى: {لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم} [٩: ١١٠] ونفي (زال) إثبات لا يمكن حمله على النفي، ولذلك منع النحويون أن يقع الاستثناء المفرغ بعد ما زال وأخواتها. جعل ابن الحاجب، والرضي وقوع (إلا) بعد (ما زال) وأخواتها من المحال.

ولم أجد للنحويين ولا للمعربين، ولا للمفسرين كلاما بشأن الاستثناء في هذه الآية السابقة.

صرح أبو حيان في غير موضع من كتابه «البحر المحيط» بأن الاستثناء المفرغ لا يكون إلا بعد نفي وشبهه، ثم خرج بعض الآيات على رأي نسبه للفراء، وهو أن يقدر المستثنى منه محذوفا في الكلام؛ فلا يكون الاستثناء مفرغا، وإنما يكون تاما منفيا.

وفي بعض الآيات يؤول الفعل المثبت بفعل منفي، وهو ما منعه في بعض الآيات، وفي بقية الآيات لم يتحدث عن الاستثناء المفرغ بعد الإيجاب، وإنما كان همه أن يرد على الزمخشري، ولو ناقض نفسه. كان يجمل بابن الحاجب الذي أجاز وقوع الاستثناء المفرع بعد الإيجاب في الفضلات بشرط الإفادة أن يحتكم في ذلك إلى أسلوب القرآن ويستشهد به، فلا يمثل بهذا المثال الهزيل: قرأت إلا يوم كذا ولست أدري ما هي الفائدة التي أفادها هذا المثال، وهي من الممكن والمستطاع أن يقرأ الإنسان في جميع أيام حياته حتى وهو طفل رضيع أليس هذا من الكذب الذي منعوا من أجله وقوع المفرغ بعد الإيجاب وتخصيص العصام الأيام بأسبوع أو شهر أو سنة لا دليل عليه في الكلام، ولو اعتبرنا هذا التخصيص مسوغ لجاز

<<  <  ج: ص:  >  >>