والجملة التي قبلها أخرجت مخرج الشيء الثابت المفروغ منه، وهو نسبة إنفاقهم بالحبة الموصوفة، وهي كناية عن حول الأجر الكثير، فجاءت هذه الجملة كذلك، أخرج المبتدأ والخبر فيها مخرج الشيء الثابت المستقر الذي لا يكاد خبره يحتاج إلى تعليق استحقاق بوقوع ما قبله، بخلاف ما إذا دخلت الفاء، فإنها مشعرة بترتب الخبر على المبتدأ واستحقاقه به. البحر ٢: ٣٠٧.
والفرق بينهما من جهة المعنى أن الفاء فيها دلالة على أن الإنفاق به استحق الأجر، وطرحها عار على تلك الأدلة. الكشاف ١: ٣١٢.
١١ - إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم [٣: ٩٠]
لم تدخل الفاء هنا ودخلت في {فلن تقبل} لأن الفاء مؤذنة بالاستحقاق بالوصف السابق وهناك قال: {وماتوا وهم كفار} وهنا لم يصرح بهذا القيد. البحر ٢: ٥١٩.
١٢ - والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى [٣٩: ١٧]
الذين مبتدأ، وأن يعبدوها بدل اشتمال من الطاغوت وجملة {لهم البشرى} الخبر. الجمل ٣: ٦٠١.
١٣ - وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله [٣: ١٦٦]
على إضمار المبتدأ، أي هو. قال الحوفي: ودخول الفاء هنا لما في الكلام من معنى الشرط. وقال ابن عطية: دخلت الفاء رابطة، وذلك للإبهام الذي في (ما) فأشبه الكلام الشرط، وهذا كما قال سيبويه: الذي قام فله درهمان، فيحسن دخول الفاء إذا كان القيام سبب الإعطاء.
وهو أحسن من كلام الحوفي، لأن الحوفي زعم أن في الكلام معنى الشرط، وقال ابن عطية: فأشبه الكلام الشرط.
ودخول الفاء على ما قرره الجمهور قلق هنا، وذلك أنهم قرروا في جواز دخول الفاء على خبر الموصول أن الصلة تكون مستقبلة، فلا يجيزون: الذي قام أمس فله درهمان، لأن هذه الفاء إنما دخلت في خبر الموصول لشبهه بالشرط فكما أن فعل الشرط لا يكون ماضيًا