لا يحل لكم أن لا تعضلوهن لم يصح، إلا أن تجعل (لا) زائدة، لا نافية، وهو خلاف الظاهر.
وإذا قدرت (أن) يعد (لا) كان من باب عطف المصدر المقدر على المصدر المقدر، لا من باب عطف الفعل على الفعل فالتبس على ابن عطية العطفان .. وفرق بين قولك: لا أريد أن يقوم وأن لا يخرج وقولك: لا أريد أن يقوم ولا أن يخرج، ففي الأول نفى إرادة وجود قيامه ووجود خروجه، فلا يريد لا القيام ولا الخروج، وهذا في فهمه بعض غموض على من لم يتمرن في علم العربية».
في الكشاف ٥٩٤:١ - ٥٩٦:«أي لن يأنف، ولن يذهب بنفسه عزة، من نكفت الدمع: إذا نحيته عن خدك بإصبعك {ولا الملائكة المقربون} ولا من هو أعلى منه قدرًا وأعظم منه خطرًا، وهم الملائكة الكروبيون الذين حول العرش كجبريل وميكائيل وإسرافيل ومن في طبقتهم فإن قلت: من أين دل قوله: {ولا الملائكة المقربون} على أن المعنى: ومن فوقه؟ قلت: من حيث إن علم المعاني لا يقتضي غير ذلك، وذلك أن الكلام إنما سيق لرد مذهب النصارى وغلوهم في رفع المسيح عن منزلة العبودية، فوجب أن يقال لهم: لن يترفع عيسى عن العبودية، ولا من هو أرفع منه درجة، كأنه قيل: لن يستنكف الملائكة المقربون من العبودية فكيف بالمسيح؟! ويدل عليه دلالة ظاهرة بنية تخصيص المقربين لكونهم أرفع الملائكة درجة، وأعلاهم منزلة. ومثله قول القائل:
وما مثله ممن يجاود حاتم ... ولا البحر ذو الأمواج يلتج زاخره
لا شك في أنه قصد بالبحر ذي الأمواج ما هو فوق حاتم في الجود».