ولم نجد العرب تعمل الظن والعلم بإضمار مضمر في (أن). وذلك أنه يبطل إذا كان بين الكلمتين، أو في آخر الكلمة، فلما أضمره جرى مجرى الترك؛ ألا ترى أنه لا يجوز الابتداء أن تقول: يا هذا أنك قائم، ولا يا هذا أن مت، تريد علمت أو أعلم، أو ظننت أو أظن.
وأما حذف اللام من (ويلك) حتى تصير (ويك) فقد تقوله العرب لكثرتها في الكلام. قال عنترة:
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها ... قيل الفوارس ويك عنتر أقدم
وقد قال آخرون: إن معنى (وي كأن) أن (وي) منفصلة من (كأن)؛ كقولك للرجل: وي، أما ترى ما بين يديك، فقال: وي، ثم، استأنف (كأن) يعني (كأن الله يبسط الرزق) وهي تعجب و (كأن) في مذهب الظن والعلم. فهذا وجه مستقيم. ولم تكتبها العرب منفصلة، ولو كانت على هذا لكتبوها منفصلة. وقد يجوز أن تكون كثر بها الكلام فوصلت بما ليس منه، كما اجتمعت العرب على كتاب (يا ابن آم)(يا بنؤ)».
وفي المشكل ١٦٥:٢: «أصلها (وي) منفصلة من الكاف. قال سيبويه عن الخليل في معناها: إن القوم انتبهوا أو نبهوا، فلما انتبهوا قالوا: وي، وهي أعني (وي) كلمة بقولها المتندم إذا أظهر ندامته.
وقال الفراء:(وي) متصلة بالكاف، وأصلها ويلك إن الله، ثم حذف اللام، واتصلت الكاف بوي. وفيه بعد في المعنى والإعراب، لأن القوم لم يخاطبوا أحدًا، ولأن حذف اللام من هذا الا يعرف، ولأنه كان يجب أن تكون (إن) مكسورة؛ إذ لا شيء يوجب فتحها».
وفي البيان ٢٣٧:٢: «ويكأ،: اختلفوا فيه: فمنهم من قال (وي) منفصلة من (كأن) وهي اسم سمي الفعل به، وهو أعجب، وهي كلمة يقولها المتندم إذا ظهر ندامته. و (كأن الله) لفظة لفظ التشبيه، وهي عارية عن معنى التشبيه، ومعناه: إن الله، كقول الشاعر:
كأنني حين أمسي لا تكلمني ... متيم يشتهي ما ليس موجودًا