وذلك أن (قد) إذا دخلت على المضارع كانت بمعنى (ربما)، فوافقت (ربما) في خروجها إلى معنى التكثير نحو قوله:
فإن تمس مهجور الفناء فربما ... أقام به بعد الوفود وفود
ونحو قول زهير:
أخي ثقة لا تهلك الخمر ماله ... ولكنه قد يهلك المال نائله
في البحر ٦: ٤٧٧: «وكون (قد) إذا دخلت على المضارع أفادت التكثير قول بعض النحاة وليس بصحيح وإنما التكثير مفهوم من سياق الكلام ...».
{لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم} ٦١: ٥.
في البحر ٨: ٢٦٢: «و (قد) تدل على التحقق في الماضي، والتوقع في المضارع والمضارع هنا معناه المضي، أي وقد علمتم، كقوله {قد يعلم ما أنتم عليه} أي قد علم {قد نرى تقلب} وعبر عنه بالمضارع ليدل على استصحاب الفعل».
وفي الجمل ٤: ٣٢٩: «(قد) للتحقيق لا للتقريب ولا للتقليل وفائدة ذكرها التأكيد والمضارع هنا بمعنى الماضي».
من هذا العرض يتبين لنا أن الزمخشري يرى أن (قد) التي جاء بعدها المضارع بمعنى (ربما) التي تفيد التكثير وقد جعل سيبويه (قد) بمعنى (ربما) في قول الشاعر:
قد أترك القرن مصفرا أنامله
وأن العكبري يرى أن المضارع بمعنى الماضي وكذلك قال أبو حيان إن المضارع بمعنى الماضي وقال: المراد الاتصاف بالعلم واستمراره ولم يلحظ الزمان كقولهم: هو يعطي ويمنع.
وقال أبو البقاء: إن الماضي بمعنى المستقبل في قوله تعالى:
{قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم} ٧: ٨٩.